وأما قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ} أي القرآن {مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ} ملتبسًا {بِالْحَقِّ} ونسب العلم لجميعهم لعلهم أحبارهم به، وتمكن باقيهم من ذلك بأدنى تأمل {فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [الأنعام: ١١٤] ، الشاكين فيه، أي: من هذا النوع، فهو أبلغ من لا تمتر، وحذف جواب أما - للعلم به من السوابق واللواحق: وهو، فليس المراد أنه صلى الله عليه وسلم شك فليما ذكر أول الآية، وهي {فَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا} بل المعنى، "أي: في أنهم لا يعلمون ذلك" وصوابه إسقاط لا، فالمعنى لا يستقيم على وجودها. ولفظ الشفاء: أي: في علمهم بأنك رسول الله، وإن لم يقروا بذلك، وليس المراد به شكه صلى الله عليه وسلم فيما ذكر في أول الآية، وفي الأنوار: {فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} في أنهم يعلمون ذلك، أو في أنه منزل بجحود أكثرهم وكفرهم به، فيكون من باب التهييج، كقوله: {وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} "أو يكون المراد: قل لمن امترى يا محمد؟ " متعلق بقل قدم عليه متعلقة "لا تكونن من الممترين" في أن القرآن نزل عليك من الله، وأيدك بمعجزاته، "فليس الخطاب له، وإنما المراد "أنه صلى الله عليه وسلم يخاطب به غير" من الكفار. قال عياض: ويدل على قوله أول الآية {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا} [الأنعام: ١١٤] الآية، "وقيل غير ذلك"، فقيل: الخطاب له والمراد غيره، ولاقصد تقرير الكفار بأنه حق، وقيل: