"و" روى ابن جرير، "عن طلحة، عن ابن عباس أنه" أي: {يس} "قسم" بمعنى مقسم به أو جعله قسمًا لتضمنه له أو مبالغة "أقسم الله به، وهو من أسمائه" أي: الله تعالى: "وعن كعب" بن مانع، المعروف بكعب الأحبار {يس} قسم "أقسم الله به قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام" أي: بمقدار ألفي عام، إذ قبل خلقهما لا أعوام؛ لأن الزمان مقدار حركة الفلك، أو المراد مجرد الكثرة، أو عدم النهاية مجازًا، أو باعتبار أن الفلك الأعظم، وهو العرش مخلوق قبلهما، لقوله تعالى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} ، ونظر في هذا؛ بأن مجرد تقدم العرش لا يقتضي تقدم الزمان بالمعنى المتعارف، واستشكل أيضًا؛ بأن كلام الله قديم، فلا قبلية فيه ولا بعدية، وخلقهما محدث. وأجيب بأن المراد إبرازه في اللوح المحفوظ، المكتوب فيه جميع الكائنات، أو أنه أطلع عليه ملائكته قبلهما بهذا المقدار، وهو مناسب هنا لإفادة إظهار علم قدره في الملأ الأعلى، ومثل هذا ورد كثيرًا في الحديث، فتضعيف ما هنا بمجرد الإيراد، وأنه إن صح ترك علمه إلى الله، إذ مثله لا يقال: بالرأي: لا يسمع، فالتضعيف إنما هو من جهة الإسناد، "يا محمد إنك لمن المرسلين" بيان للمخاطب، وليس؛ لأنه لا يناسب إن الله أقسم به. ولذا ذكر جواب القسم توضيحًا لمراده، وليس مراده أنه جواب مقدر للقسم بيس حتى يلزم عليه اجتماع قسمين من غير عطف على جواب، وقد أباه النحاة، كما في الكشاف، وقال: إن العرب تكرهه، "ثم قال: {وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ، إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} ، وهو رد على الكفار، حيث قالوا" للنبي صلى الله عليه وسلم {لَسْتَ مُرْسَلًا} ، فأقسم الله باسمه وكتابه إنه لمن المرسلين بوحيه