للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمجيده وتعظيمه ما لا يخفى.

وعن طلحة عن ابن عباس: أنه قسم أقسم الله به، وهو من أسمائه.

وعن كعب: أقسم الله به قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام: يا محمد إنك لمن المرسلين.

ثم قال: {إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِين} وهو رد على الكفار حيث قالوا: {لَسْتَ مُرْسَلًا} [الرعد: ٤٣] فأقسم الله باسمه وكتابه: إنه لمن المرسلين بوحيه إلى عباده.


محسنًا مع إخلاله بالفصاحة، فلا يخرج القرآن عليه وإن كان فيه تورية، اللهم إلا أن يقولوا: إنه مقيس مغتفر في الشعر، وما في القرآن ليس منه، بل من ذكر حرف من كلمة إيماء إلى بقيتها لا من الترخيم، وهو ما أشار إليه المفسرون، "وفيه من مزيد تمجيده" إعزازه وتشريفه، "وتعظيمه" إجلاله "ما لا يخفى" لوصفه بالسيادة، المفيدة للعموم في المقام الخطابي، فيفيد تفوقه على من سواه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم واسطة كل خير.
"و" روى ابن جرير، "عن طلحة، عن ابن عباس أنه" أي: {يس} "قسم" بمعنى مقسم به أو جعله قسمًا لتضمنه له أو مبالغة "أقسم الله به، وهو من أسمائه" أي: الله تعالى: "وعن كعب" بن مانع، المعروف بكعب الأحبار {يس} قسم "أقسم الله به قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام" أي: بمقدار ألفي عام، إذ قبل خلقهما لا أعوام؛ لأن الزمان مقدار حركة الفلك، أو المراد مجرد الكثرة، أو عدم النهاية مجازًا، أو باعتبار أن الفلك الأعظم، وهو العرش مخلوق قبلهما، لقوله تعالى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} ، ونظر في هذا؛ بأن مجرد تقدم العرش لا يقتضي تقدم الزمان بالمعنى المتعارف، واستشكل أيضًا؛ بأن كلام الله قديم، فلا قبلية فيه ولا بعدية، وخلقهما محدث.
وأجيب بأن المراد إبرازه في اللوح المحفوظ، المكتوب فيه جميع الكائنات، أو أنه أطلع عليه ملائكته قبلهما بهذا المقدار، وهو مناسب هنا لإفادة إظهار علم قدره في الملأ الأعلى، ومثل هذا ورد كثيرًا في الحديث، فتضعيف ما هنا بمجرد الإيراد، وأنه إن صح ترك علمه إلى الله، إذ مثله لا يقال: بالرأي: لا يسمع، فالتضعيف إنما هو من جهة الإسناد، "يا محمد إنك لمن المرسلين" بيان للمخاطب، وليس؛ لأنه لا يناسب إن الله أقسم به.
ولذا ذكر جواب القسم توضيحًا لمراده، وليس مراده أنه جواب مقدر للقسم بيس حتى يلزم عليه اجتماع قسمين من غير عطف على جواب، وقد أباه النحاة، كما في الكشاف، وقال: إن العرب تكرهه، "ثم قال: {وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ، إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} ، وهو رد على الكفار، حيث قالوا" للنبي صلى الله عليه وسلم {لَسْتَ مُرْسَلًا} ، فأقسم الله باسمه وكتابه إنه لمن المرسلين بوحيه

<<  <  ج: ص:  >  >>