"في قسمه تعالى على تحقيق"، أي: إثبات "رسالته" صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى " {يس} "، أمال حمزة والكسائي الياء غير مفرطين، والجمهور يفتحونها، ونافع وسط في ذلك {وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} ، المحكم فعيل بمعنى مفعل، أي: أحكم في مواعظه وأوامره ونواهيه، ويحتمل أنه بناء فاعل، أي: ذي الحكمة، أو الحكيم صاحبه، "اعلم أن كل سورة بدأ الله تعالى فيها بحروف التهجي كان في أوائلها الذكر"، كقوله: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} [ص: ١] الآية، وينبغي أن المراد به ما يعم لفظه وما تضمن معناه، نحو {الم، أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} [العنكبوت: ١] ، {الم، غُلِبَتِ الرُّومُ} [الروم: ١] ، ونحوهما. "أو الكتاب {الم ذَلِكَ الْكِتَاب} [السجدة: ١] ، "أو القرآن" أو هما {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ} [الحجر: ١، ٢] "إلا سورة "ن" فليس في أوائلها ذلك صريحًا لكن تقدم من جملة الأقوال: إن مبنى يسطرون، يكتبون القرآن وغيره، فعليه تكون {ن} كغيرها، "ثم إن في ذكر هذه الحروف في أوائل السور أمورًا تدل على إنها غير خالية عن الحكمة، لكن علم الإنسان لا يصل إليها إلا أن كشف الله له سر ذلك" بأن يطلعه عليه، وهذا بناء على أنه أريد بها ما خفي لا ما استأثر الله بعلمه، إذ لا يطلع عليه أحدًا. "واختلف المفسرون في معنى {يس} على أقوال أحدها: أنه يا إنسان بلغة طيئ؛ لأنهم يقولون: يا إيسان، بمعنى يا إنسان، ويجمعونه على إيا سين، فهذا منه، وقالت فرقة: قوله يا حرف نداء، والسين مقامة مقام إنسان انتزع منه حرف، فأقيم مقامه، قاله ابن عطية، "وهوقول ابن عباس" عند ابن أبي حاتم، والثعلبي، "والحسن" البصري، "وعكرمة" البربري، "والضحاك،