للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حرك آخره بالضم لأجل "هاء" ضمير المذكر الغائب، ولم يحفظ سيبويه في هذا إلا الضم. وفي الحديث: "إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم" وإن كان القياس جواز فتحه تخفيفًا. قال: وبهذا الذي ذكرته يظهر فساد رد من رد بأنه لو كان نهيًا لكان يقال: لا يمسه بالفتح؛ لأنه خفي عليه جواز ضم ما قبل الهاء في هذا النحو، لا سيما على رأي سيبويه فإنه لا يجيز غيره. والله أعلم.


لا يمسه، "ولما أدغم حرك آخره بالضم لأجل هاء ضمير المذكر الغائب، ولم يحفظ سيبويه في هذا إلا الضم".
"وفي الحديث" الذي أخرجه الشيخان وغيرهما، عن الصعب بن جثامة الليثي أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمارًا وحشيًا، وهو بالأبواء أو بودان، فرده عليه، فلما رأى ما في وجهه، قال: "أنا" "بكسر الهمزة" "لم نرده عليك" لعله من العلل، "إلا أنا" بفتح الهمزة" "حرم" "بضم الحاء والراء" أي: محرمون.
زاد في رواية للنسائي: لا نأكل الصيد، قال المصنف: نرده "بفتح الدال" رواية المحدثين، وذكر ثعلب في الفصيح، لكن قال المحققون من النحاة: أنه غلط، والصواب: ضم الدال كآخر المضاعف من كل مضاعف مجزوم اتصل به ضمير المذكر مراعاة للواو التي توجبها ضمة الهاء بعدها لخفاء الهاء، فكان ما قبلها ولي الواو، ولا يكون ما قبل الواو إلا مضمومًا، كما فتحوها مع المؤنث، نحو: نردها مراعاة للأنف، وجوز الكسر أيضًا، وهو أضعفها، ففيها ثلاثة أوجه، وللحموي والكشميهني: لم نردده بفك الإدغام، فالدال الأولى مضمومة، والثانية مجزومة، وهو واضح. انتهى، "وإن كان القياس جواز فتحه تخفيفًا" وبه جاءت الرواية، فهي صحيحة للتخفيف، وليست بغلط.
"قال" السمين: "وبهذا الذي ذكرته يظهر فساد رد من رد؛ بأنه لو كان نهيًا لكان يقال: لا يمسه بالفتح؛ لأنه خفي عليه واز ضم ما قبل الهاء في هذا النحو"، أي: ما في هذا ونحوه من آخر كل مضاعف مجزوم اتصل به ضمير المذكر، "لا سيما على رأي: سيبويه، فإنه لا يجيز غيره" بقي أن ابن عطية قال: القول بأن لا يمسه نهي قول فيه ضعف؛ لأنه إذا كان خبرًا، فهو في موضع الصفة، وقوله: تنزيل صفة أيضًا، فإذا جعلناه نهيًا جاء بمعنى أجنبي معترض بين الصفات، وذلك لا يحسن في وصف الكلام، فتدبر وفي مصحف ابن مسعود: ما يمسه وهو مما يقوي ما رجحته من الخبر، الذي معناه حقه وقدره؛ أن لا يمسه إلا طاهر. انتهى.
وأجاب شيخنا لما ذكرته له؛ بأن تضعيفه بما ذكر إنما هو في سياق قصد به كله معنى واحد، أما إذ قصد به معنيان أو أكثر، فلا يضر ما قاله، "والله أعلم" بما أراد.

<<  <  ج: ص:  >  >>