للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المراد بالمطهرون الملائكة؛ لأنه قد نفى وأثبت وكأنه قال: يمسه المطهرون ولا يمسه غير المطهرين، والسماء ليس فيها غير مطهر بالإجماع، فعلم أنه أراد: بالمطهرين الآدميين، وبين ذلك ما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال في كتاب عمرو بن حزم المروي في الدارقطني وغيره: "ولا تمس القرآن إلا وأنت على طهر" ثم قال، فإن قيل: قد قال الواحدي أن أكثر أهل التفسير على أن المراد اللوح المحفوظ، وأن المطهرين الملائكة، ثم لو صح ما قلتم لم يكن فيها دليل؛ لأن قوله: لا يمسه بضم السين، ليس نهيًا عن المراد ولو كان نهيًا لكان بفتح السين، فهو إذًا خبر.

قلنا: أما قول أكثر المفسرين فهو معارض بقول الباقين، والمرجع إلى الدليل.


الملائكة؛ لأنه قد نفي" بقوله: لا يمسه، "وأثبت" بقوله: إلا المطهرون، "وكأنه قال: يمسه المطهرون، ولا يسمه غير المطهرين، والسماء ليس فيها غير مطهر بالإجماع" فحمله على الملائكة يلزم منه انقسامهم لمطهر وغيره، وهو خلاف الإجماع، "فعلم" بذلك، "أنه أراد بالمطهرين الآدميين".
وتعين أنه أراد بكتاب المصحف، "ويبين ذلك" ويزيده وضوحًا "ما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال في كتاب عمرو" "بفتح العين" "ابن حزم" بن زيد بن لوذان الأنصاري يكنى أبا الضحاك، شهد الخندق وما بعدها، واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على نجران، وروى عنه كتابًا، كتبه له فيه الفرائض والزكاة والديات وغير ذلك، وعنه ابنه محمد وجماعة، قال أبو نعيم: مات في خلافة عمر، وكذا قال إبراهيم بن المنذر، ويقال: بعد الخمسين قال في الإصابة: وهو أشبه بالصواب، ففي مسند أبي يعلى برجال ثقات؛ إنه كلم معاوية في أمر بيعته ليزيد بكلام قوي، وفي الطبراني وغيره أنه روى لمعاوية ولعمرو بن العاصي حديث: "يقتل عمارًا الفئة الباغية".
"المروي في الدارقطني وغيره" كأبي داود، والنسائي، وابن حبان، والدارمي: "ولا تمس القرآن إلا وأنت على طهر" فهذا نص صريح في المطلوب، وإن احتملت الآية، "ثم قال" ابن الرفعة: "فإن قيل: قد قال: الواحدي: إن أكثر أهل التفسير على أن المراد اللوح المحفوظ، وأن المطهرين الملائكة، ثم لو صح ما قلتم" إن المراد المصحف، والمطهرون بنو آدم، "لم يكن فيها دليل" على حرمة مسه للمحدث؛ "لأن قوله: لا يمسه بضم السين، ليس نهيًا عن المراد، ولو كان نهيًا لكان بفتح السين، فهو إذا خبر" لا دلالة فيه على الحرمة، "قلنا: أما قول أكثر المفسرين، فهو معارض بقول الباقين، والمرجع إلى الدليل".

<<  <  ج: ص:  >  >>