قال الرازي: هذا تكملة للبيان؛ لأنه لما قيل {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} ، كان قائلًا قال: فماذا ينطق، أعن الدليل والاجتهاد؟، فقال: لا إنما ينطق عن الله بالوحي وهذا أبلغ مما لو قيل: هو وحي يوحى، وكلمة إن استعملت مكان ما للنفي، كما استعملت ما للشرط مكان أن، "فأعاد الضمير على المصدر المفهوم من الفعل، أي: ما نطقه إلا وحي يوحى" صفة لنفي المجان، أي: هو وحي حقيقة، لا مجرد تسمية، كقولك: هذا قول يقال، قاله في اللباب، "وهذا أحسن من جعل الضمير عائدًا إلى القرآن" ووجه إلا حسنية، بوله: "فإن نطقه بالقرآن والسنة، وأن كليهما وحي يوحى"، أي: لإفادته أن السنة من الوحي، بخلاف عودة على القرآن، فلا يفيد ذلك، "قال الله تعالى: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} الآية، وهما القرآن والسنة" تفسير الحكمة في أحد الأقوال، ومنه أخذ منع اجتهاده. وأجيب بأنه إذا اجتهد وافق الواقع، ولا يقع منه خطأ، ويقر عليه، وينبه على أنه حق، فصار بمنزلة الوحي، "وذكر الأوزاعي" عبد الرحمن بن عمرو، والفقيه، الثقة، الجليل، المتوفى سنة سبع وخمسين ومائة، "عن حسان بن عطية" المحاربي، مولاهم الدمشقي، ثقة، فقيه، عابد، مات بعد العشرين ومائة، "قال: كان جبريل ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسنة، كما ينزل عليه بالقرآن، يعلمه إياها". أخرجه الدارمي بإسناد صحيح عنه وهو مرسل؛ لأن حسان بن عطية من صغار التابعين، وله شواهد كثيرة، منها: ما أخرجه أحمد عن أبي أمامة رفعه: "ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتي مثل الحيين ربيعة ومضر"، فقال رجل: يا رسول الله، وما ربيعة من مضر؟، فقال: "إنما أقول ما أقول"، وإسناده حسن. وروى أبو داود وابن حبان، مرفوعًا: "إلا أني أوتيت الكتاب وما يعدله، فرب شبعان على أريكته يحدث بحديثي، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، ما كان فيه من حلال استحللناه، وما