للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في موقف القيامة من الشفاعة والمقام المحمود، وما يعطيه في الجنة من الوسيلة والدرجة الرفيعة والكوثر.

وقال ابن عباس: يعطيه في الجنة ألف قصر من لؤلؤ أبيض، ترابها المسك وفيها ما يليق بها.

وبالجملة: فقد دلت هذه الآية على أنه تعالى يعطيه عليه الصلاة والسلام كل ما يرضيه.

وأما ما يفتريه الجهال من أنه لا يرضى وواحد من أمته في النار، أو لا يرضى أن يدخل أحد من أمته النار، فهو من غرور الشيطان لهم ولعبه بهم، فإنه


فيه، فإنه حي يصلي في قبره بأذان، وإقامة، وله ثواب أعمال أمته مضاعفًا، "وما يعطيه في موقف القيامة من الشفاعة"، أي: جنسها، فيشمل الشفاعات الخاصة به كلها، "والمقام المحمود" هو مقام الشفاعة العظمى، الذي يحمده فيه الأولون والآخرون أو كل مقام يتضمن كرامة محمودة، وعلى هذا يكون بمعنى ما قبله، "وما يعطيه في الجنة، من الوسيلة" أعلى منزلة في الجنة فقوله: "والدرجة الرفيعة"، عطف تفسير، "والكوثر" نهر في الجنة، أعطانيه ربي، كما صح عنه صلى الله عليه وسلم، فلا معدل عنه.
"وقال ابن عباس" في تفسير هذه الآية "يعطيه في الجنة ألف قصر من لؤلؤ أبيض، ترابها المسك، وفيها ما يليق بها" من الأزواج والخدم.
رواه ابن جرير وغيره، ومثله لا يقال إلا عن توقيف، فهو في حكم المرفوع، وهذا تفصيل بعض ما أعطاه، "وبالجملة فقد دلت هذه الآية على أنه تعالى يعطيه عليه الصلاة والسلام كل ما يرضيه" مما لا يعلمه على الحقيقة إلا هو، "وأما ما يفتريه" بفاء من الافتراء، أي: الكذب، أو بالغين بالمعجمة، وبعد الراء موحدة من الغرور، وهذا أولى وإن كان ظاهر سياقه الأول، "الجهال من أنه لا يرضى، وواحد من أمته في النار"، روى الديلمي في الفردوس عن علي، قال: لما نزلت قال صلى الله عليه وسلم: "إذن لا أرضى وواحد من أمتي في النار".
وأخرجه أبو نعيم في الحلية موقوفًا على علي، قال: في قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} ، قال: ليس في القرآن أرجى منها، ولا يرضى صلى الله عليه وسلم أن يدخل أحد من أمته النار، وقوله: ولا يرضى موقوف لفظًا، مرفوع حكمًا، إذ لا مدخل للرأي: فيه، "أو لا يرضى أن يدخل أحد من أمته النار"، كما روي عن علي موقوفًا، وحكمه الرفع، كما علم، "فهو من غرور الشيطان" أي: خداعه "لهم ولعبه بهم" حيث حملهم على الافتراء، أو على الغرور بما لم

<<  <  ج: ص:  >  >>