"وكل هذه الوجوه محتملة" "بضم الميم الأولى وفتح الثانية"، أي: قريبة، "وإما بكسر الثانية"، فالواقعة نفسها، كما صرح به بعضهم، "ولا ترجيح لأحدها على الآخر"، من حيث الاحتمال في حد ذاته، "إذ القدرة صالحة لكل ذلك"، أما بالنظر لما يشهد له من خارج، فيرجع. "انتهى"، يعني كلام ابن أبي جمرة، وإن لم يفصح به، وأوله ما قد علمته، وما قبله أتى به المصنف من فتح الباري، وفيه رد على ما أطال به ابن القيم في كتاب الروح من ترجيح أن رؤيته إنما هي لأرواحهم فقط، إذ الأجساد في الأرض قطعا إنما تبعث يوم القيامة، ولو بعثت قبل ذلك لكانت انشقت عنهم الأرض قبلها، وكانت تذوق الموت عند نفخ الصور، وهذه موتة ثالثة، وهذا باطل قطعًا، وبأنها لو بعثت الأجساد لم تعد إلى القبور، بل كانت في الجنة مع أنها محرمة على الأنبياء حتى يدخلها نبينا، وهو أول من يستفتح باب الجنة، ولا تنشق الأرض عن أحد قبله إلى آخر ما أطال به، مما لا حجة له فيه، وجوابه كما أملاني شيخنا أنه إنما يتم ما قاله، لو كانت أرواحهم مفارقة لأجسادهم في قبورهم، وليس كذلك، بل هم أحياء في قبورهم بحياة حقيقية يأكلون ويشربون ويتمتعون فيها، وخروجهم من قبورهم، ومجيئهم لها ليس الخروج المقتضي للبعث، بل هو كخروج الإنسان من منزله لحاجة يقضيها، ويعود إليه، فلا يعد بذلك مفارقًا له، والذي يعد به مفارقًا هو الذي بحيث لا يعود إليه، بل يقوم للقيامة، وبهذا سقط كلامه. "وأما قوله في الحديث: ثم رفعت"، رواه الأكثر بضم الراء، وسكون العين وضم التاء، ضمير المتكلم بعده حرف الجر، وهو "إلى سدرة المنتهى"، وللكشميهني: رفعت، بفتح العين وسكون التاء، أي: السدرة لي، أي: من أجلي. وكذا في بدء الخلق، ويجمع بين الروايتين بأنه رفع إليها، أي: ارتقى به، وظهرت له، والرفع إلى الشيء يطلق على التقريب منه، وقد قيل في قوله: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَة} [الواقعة: ٣٤] ، أي: تقرب لهم، "فإذا نبقها" بفتح النون وكسر الموحدة وبسكونها أيضًا.