للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان الرجل في الجاهلية وصدر الإسلام إذا تبنى ولد غيره يدعوه الناس به ويرث ميراثه وتحرم عليه زوجته، فنسخ الله التبني بقوله: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} وبهذه القصة يثبت الحكم بالقول والفعل، فأوحى الله تعالى إليه أن زيدًا سيطلقها، وأنه صلى الله عليه وسلم يتزوجها، وألقى في قلب زيد كراهتها، فأراد فراقها فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أريد أن أفارق صاحبتي قال: "ما لك؟ أرابك منها شيء"؟. قال: لا والله يا رسول الله! ما رأيت منها إلا خيرًا، ولكنها تتعظم عليّ بشرفها وتؤذيني.


أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا} الآية، وربما كان حظره بحكم شرعي، كهذه الآية، وربما كان في المندوبات، كما تقول: ما كان لك أن تترك النوافل ونحوها.
وأخرج الطبراني بسند صحيح عن قتادة، وابن جرير عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب زينب، وهو يريدها لزيد، فظنت أنه يريدها لنفسه، فلما علمت أنه يريدها لزيد أبت واستنكفت، وقالت: أنا خير منه حسبًا، فأنزل الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ} الآية كلها، فرضيت وسلمت، وما ذكر من أن النسخة لما نزل صواب واضح، وفي نسخ: ثم رضيا، فنزل وهي توهم أن رضاهما قبل نزول الآية، وليس كذلك.
"وكا الرجل في الجاهلية وصدر الإسلام إذا تبنى ولد غيره، يدعوه الناس به، ويرث ميراثه" بأن يرث كل منهما الآخر، "وتحرم عليه زوجته، فنسخ الله التبني بقوله: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} الآية، قال ابن عمر: ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد حتى نزل القرآن {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} الآية، رواه البخاري، "وبهذه القصة يثبت الحكم بالقول" من الله تعالى، "وبالفعل" من النبي صلى الله عليه وسلم، وهو تزوجه زوجة من تبناه، "فأوحى الله تعالى إليه" بعد رضاها، وتزوجها بزيد "أن زيدًا سيطلقها، وأنه صلى الله عليه وسلم يتزوجها، وألقى في قلب زيد كراهتها" أي: كراهة بقائها في نكاحه، ولا يلزم منه كراهة ذاتها،"فأراد فراقها" بعد مكثها عنده مدة، "فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني أريد أن أفارق صاحبتي" أي: زوجتي قال: "ما لك" أي: شيء حصل لك منها حتى أردت فراقها، "أرابك منها شيء"؟ أي: هل استيقنت منها شيئًا يوجب لك الشك في أمرها، فالهمزة للاستفهام، ويحتمل أنها جزء الكلمة، أي: أحصل شيء يسيء ظنك بها، فهمزة الاستفهام، مقدرة؛ لأنه متى أبدل مما تضمن معنى الاستفهام وجب ذكر همزته في البدل، "قال: لا والله يا رسول الله ما رأيت منها إلا خيرًا، ولكنها تتعظم عليّ بشرفها" عليّ لأنها عربية وأنا مولى، "وتؤذيني بلسانها، فقال

<<  <  ج: ص:  >  >>