للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنصوص عليها بقوله تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} أي: بنعمة الإسلام وهي أجل النعم {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} ، أي: بالإعتاق بتوفيق الله لك، وهو زيد بن حارثة الكلبي، وكان من سبي الجاهلية، فملكه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وأعتقه وتبناه وخطب له زينب فأبت هي وأخوها عبد الله، ثم رضيا لما نزل قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ} [الأحزاب: ٣٦] الآية.


وكذا فعل ابن الصلاح في كلامه على بسيط الغزالي "المنصوص عليها بقوله تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} أي: بنعمة الإسلام وهي أجل النعم" زاد ابن عطية: وبغير ذلك "وأنعمت عليه، أي: بالإعتاق بتوفيق الله لك، وهو زيد بن حارثة الكلبي، وكان من سبي الجاهلية" وذلك أن أمه سعدى بنت ثعلبة من بني معن من طيئ، خرجت به لتزيره أهلها، فأصابته خيل بني القين لما أغارت على بني معن، فأتوا به سوق عكاظ، فعرضوه للبيع، وهو غلام ابن ثمانية أعوام، فاشتراه حكيم بن حزام بأربعمائة درهم لعمته خديجة بنت خويلد، فاستوهبه النبي صلى الله عليه وسلم منها، فوهبته له، "فملكه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، وأعتقه وتبناه" لما قدم حارثة وأخوه كعب مكة، فقالا: يابن عبد المطلب، يابن سيد قومه؛ أنتم أهل حرم الله، تفكون العاني، وتطعمون الأسير جئنا في ولدنا عبدك، فامنن علينا وأحسن في فدائه، فقال: "أو غير ذلك أدعوه، فخيروه، فإن اختاركم، فهو لكم بغير فداء، وإن اختارني، فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني فداء". قالوا: زدتنا على النصف، فدعاه فخيره، فقال: ما أنا بالذي أختار عليك أحدًا، أنت مني بمكان الأب والعم، فقالا: ويحك يا زيد أتختار العبودية على الحرية، وعلى أبيك، وعمك، وأهل بيتك؟ قال: نعم، إني قد رأيت من هذا الرجل شيئًا ما أنا بالذي أختار عليه أحدًا، فلما رأى صلى الله عليه وسلم ذلك قام إلى الحجر، فقال: "اشهدوا أن زيدًا ابني، أرثه ويرثني"، فطابت نفس أبيه وعمه وانصرفا، فدعي زيد بن محمد حتى جاء الإسلام، فأسلم بحيث قيل: إنه أول من أسلم مطلقًا، ومر هذا مبسوطًا في الموالي.
وروى ابن الكلبي عن ابن عباس: لما تبنى صلى الله عليه وسلم زيدًا زوجه أم أيمن، ثم زوجه زينب، فلما طلقها زوجه أم كلثوم بنت عقبة، وولدت بركة أسامة له بمكة بعد البعثة، بثلاث أو خمس، "وخطب له زينب" بعد البعثة "فأبت هي وأخوها عبد الله" المستشهد بأحد، "ثم رضيا لما نزل قوله تعالى: {وَمَا كَانَ} ما صح {لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ} الآية.
قال ابن عطية: عبر بلفظ النفي، ومعناه المنع من فعل هذا، وتجيء ما كان، وما ينبغي ونحوهما لحظر الشيء، والحكم بأنه لا يكون، وربما كان امتناع ذلك الشيء عقلا كقوله: {مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا} الآية، وربما كان للعلم بامتناعه شرعًا كقوله: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>