للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جسد وروحه الحجر الأسود بل هو سويداء القلب، بل جاء "أنه يمين الرب" كناية عن استلامه كما تستلم الأيمان عند عقد العهود والأيمان، وقد أعطي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أن قريشًا لما بنت البيت بعد تهدمه ولم يبق إلا وضع الحجر تنافسوا على الفخر الفخم والمجد الضخم، ثم اتفقوا على أن يحكموا أول داخل، فاتفق دخول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام فقالوا: هذا الأمين، فحكموه في ذلك فأمر ببسط ثوب ووضع الحجر فيه ثم قال: يرفع كل بطن بطرف، فرفعوه جميعًا، ثم أخذه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فوضعه في موضعه، فادخر الله له ذلك المقام ليكون منقبة له على مدى الأيام.

وأما ما أعطيه موسى عليه الصلاة والسلام من قلب العصا حية غير ناطقة، فأعطي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حنين الجذع، وقد.


جاء أنه يمين الرب", كما روى الديلمي عن أنس مرفوعًا: "الحجر يمين الله، فمن مسحه فقد بايع الله" "كناية عن استلامه، كما تستلم الأيمان" الأيمان، بالفتح: جمع يمين العضو المخصوص، "عند عقد العهود، والأيمان" بالفتح أيضًا بمعنى القسم، والمعنى: أنه يستلم باليد من أراد عهدًا أو يمينًا يمين صاحبه عند معاهدة غيره، واللف كما كان عادتهم، "وقد أعطي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أن قريشًا لما بنت البيت بعد تهدمه" بسيل أو غيره، "ولم يبق إلا وضع الحجر" في محله، "تنافسوا على الفخر الفخم" العظيم القدر، "والمجد" العز والشرف "الضخم" العظيم فالفخم والضخم مختلفان مفهومًا: متحدان ما صدقا، "ثم اتفقوا على أن يحكموا أول داخل" من باب بني شيبة، "فاتفق دخول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، فقالوا: هذا الأمين" رضينا بحكمه، "فحكموه في ذلك، فأمر ببسط ثوب، ووضع" النبي صلى الله عليه وسلم "الحجر فيه" أي: الثوب بيده الكريمة، فعند ابن إسحاق فقالوا: هذا الأمين رضينا، وأخبروه الخبر، فقال: "هلم إلي ثوبًا" فأتى به، فأخذ الركن، فوضعه فيه بيده، ثم قال: "يرفع" وفي نسخة: ليرفع، أي: ليأخذ "كل بطن" من بطون قريش، "بطرف" في رواية: "لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب"، فرفعوه جميعًا، ثم لما بلغوا به موضعه، "أخذه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فوضعه في موضعه، فادخر الله له ذلك المقام ليكون منقبة له على مدى الأيام" وكان سنه خمسًا وثلاثين سنة على الأشهر، وهذا الذي ذكره المصنف أيضًا لفظ ابن المنير.
وأما ما أعطيه موسى عليه الصلاة والسلام منقلب العصا حية" وتقدم ذكر ذلك قريبًا أول المعجزات وأعاد الشارح نقله هنا "غير ناطقة" لعل ذكره مع أنه لازم للحية، لبيان التفاضل بين المعجزتين، وهو أن العصا لم تنطق لموسى، بخلاف الجذع، فنطق للمصطفى بكلام حتى سمعه من يليه زيادة على الحنين، كما مر، "فأعطي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حنين الجذع، وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>