للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجمل، والنور المتوارث من آدم إلى جبهة أبيه عبد الله من الأزل، وما سوى ذلك من المعجزات التي تداولتها الحملة، ونقلتها عن ألسنة الأول النقلة، مما لو أعملنا أنفسنا في حصرها لفني المدى في ذكرها. ولو بالغ الأولون والآخرون في إحصاء مناقبه لعجزوا عن استقصاء ما حباه الكريم به من مواهبه، ولكن الملمَّ بساحل بحرها مقصرًا عن حصر بعض فخرها، ولقد صحَّ لمحبيه أن ينشدوا فيه:

وعلى تفنن واصفيه لنعته ... يفنى الزمان وفيه ما لم يوصف

وإنه لخليق بمن ينشد فيه قول الخنساء التي شهد لها النابغة الذبياني بأنها أشعر الناس, وقد أسلمت وصحبت:

فما بلغت كف امرئ متناولًا ... من المجد إلّا والذي نال أطول

ولا بلغ المهدون في القول مدحه ... ولو حذقوا إلّا الذي فيه أفضل


والجمل", ويأتي بيان ذلك كله، "والنور المتوارث من آدم إلى جبهة أبيه عبد الله من الأزل، وما سوى ذلك من المعجزات التي تداولتها الحملة" للأخبار، "ونقلتها عن ألسنة الأُوَل" أي: المقدمين "النقلة" المتأخرون في تصانيفهم، "مما لو أعملنا أنفسنا في حصرها لفني المدى،" أي: الغاية "في ذكرها" أي: لانتهى العمر وفرغ في عدتها ولم يحط بها "ولو بلغ الأولون والآخرون في إحصاء" أي: عدّ "مناقبه، لعجزوا عن استقصاء ما حباه" بموحدة: أعطاه بلا عوض، "الكريم" سبحانه "به من مواهبه، ولكان الملمّ" النازل "بساحل بحرها مقصرًا" أي: عاجزًا "عن حصر بعض فخرها" مباهاتها، وقد صحَّ لمحبيه" أمكنهم "أن" يقولوا قولًا يقبل منهم ولا يكذبون فيه، كأن ينشدوا فيه" قول ابن الفارض، "وعلى تفنن" تنوع "واصفيه" أي: إتيانهم بأنواع كثيرة "لنعته يفنى" ينقضي "الزمان, وفيه ما لم يوصف" أوصاف كثيرة، ما عثروا على شيء منها حتى يذكروه, "وإنه لخليق" جدير وحقيق "بمن ينشد فيه قول الخنساء التي شهد لها النابغة الذبياني، بأنها أشعر الناس، وقد أسلمت وصحبت":
فما بلغت كف امرئ متناولًا ... من المجد والذي نال أطول
أجل وأعظم، "ولا بلغ المهدون في القول مدحه، ولو حذقوا، بفتح الذال وكسرها من بابي ضرب وتعب مهروا، وعلموا غوامض المدح ودقائقه، "إلّا" الوصف "الذي" هو "فيه أفضل" أتمّ وأكمل من أوصافهم التي ذكروها.
ذكر عبد العظيم ابن أبي الأصبع في كتابه الأشعار الرائقة: إن الأخطل وفد على معاوية يمتدحه، فقال له: إن كنت شبَّهتني بالحية والأسد والصقر فلا حاجة لي به، وإن كنت قلت كما قالت الخنساء، فهات، قال: وما قالت؟ فأنشد هذين البيتين، فقال الأخطل: والله لقد

<<  <  ج: ص:  >  >>