للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الآية" والبينة و"البرهان" كما في قصة موسى -عليه السلام: {فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ} [القصص: ٣٢] أي: العصا واليد، وفي حق نبينا -عليه الصلاة والسلام {قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [النساء: ١٧٤] .

وأما لفظ الآيات فكثير, بل هو أكثر من أن نسرده هنا، كقوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ} [الأنعام: ١٢٤] و {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ} [الرعد: ٣] .

وأمَّا لفظة المعجزة إذا أطلق فإنه لا يدل على كون ذلك آية إلّا إذا فسر المراد به، وذكرت شرائطه، وقد كان كثير من أهل الكلام لا يسمي معجزة إلّا ما كان للأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- فقط، ومن أثبت للأولياء خوارق عادات سماها: كرامات،


الآية والبينة والبرهان،" فالتعبير بمعجزة خلاف الأولى لعدم وروده, والأولى الآية أو الدليل ونحوهما، لموافقة الوارد، وفي الشامي: لفظ المعجزة وضعه المتكلمون على ما اشتُمل على الشروط الأربعة السابقة من آيات الأنبياء، ولا ضَيْر في ذلك خلافًا لمن زعمه، والتعبير بالآية والبرهان والبينة لا ينافي ذلك، وكل معجزة آية وبرهان وبينة، ولا عكس، كما يظهر بتأمُّل حد المعجزة، والظاهر أن الآية والدليل متساويان، انته، وفيه: أن مدعي الأولويّة لم يمنع إطلاق المعجزة، بل ذكر أولويّة الآية، والدليل عليها، ولم يدع ضيرًا ولا منافاة، كما ترى.
"كما في قصة موسى -عليه السلام، {فَذَانِكَ} بالتشديد والتخفيف، {بُرْهَانَانِ} مرسلان {مِنْ رَبِّكَ} إلى فرعون وملائه، "أي: العصا واليد" وهما مؤنثان، ذكر المشار به إليهما المبتدأ لتذكير خبره برهانان، "وفي حق نبينا -عليه الصلاة والسلام: {قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ} الآية، كما فسره به سفيان بن عيينة عند ابن أبي حاتم، وجزم به ابن عطية والنسفي، ولم يحكيا غيره، وهو لغةً: الحجة النيرة الواضحة التي تعطي اليقين التام، وهو -صلى الله عليه وسلم- برهان بالمعنيين؛ لأنه حجة الله على خلقه، وحجة نيرة واضحة لما معه من الآيات الدالة على صدقه، وهذا مما سماه الله به من أسمائه تعالى فإنه منها، كما جاء في ابن ماجه.
"وأما لفظ الآيات فكثير، بل هو أكثر من أن نسرده هنا،" لو سردناه من الكتاب والسنة، "كقوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ} الآية، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ} [الرعد: ٣] . "وأمَّا لفظ المعجزة إذا أطلق، فإنه لا يدل على كون ذلك آية، إلّا إذا فسر المراد به، وذكرت شرائطه" الأربعة المتقدمة، وهذا أيضًا يفيد أولوية غيرها عليها، كقوله: "وقد كان كثير من أهل الكلام لا يسمّي" الخارق "معجزة، إلا ما كان للأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- فقط، ومن أثبت للأولياء خوارق: عادات" وهم الجمهور، "سماها كرامات،

<<  <  ج: ص:  >  >>