للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فخمًا مفخمًا يتلألأ وجهه تلألأ القمر ليلة البدر.

وقالت أم معبد حين وصفته لزوجها: مبلج الوجه، يعني: مشرقه مضيئه، ومنه: تبلج الصبح إذا أسفر، وما أحسن قول سيدي علي بن وفى حيث قال:


سألت خالي هند بن أبي هالة، وكان وصفًا عن خلية النبي -صلى الله عليه وسلم، وأنا أشتهي أن يصف لي منها شيئًا أتعلق به، فقال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم" من ابتداء طفوليته إلى آخر عمره كما تفيده كان التي للاستمرار عند قوم "فخمًا" بفتح الفاء، وإسكان الخاء المعجمة- على الأشهر، واقتصر عليه السيوطي، وكأنه الرواية، وإلّا فيجوز كسرها، أي: عظيمًا في نفسه "مفخمًا" بضم الميم، وفتح الفاء، والخاء المعجمة المشددة: معظمًا في صدور الصدور، وعيون العيون، لا يستطيع مكابر أن لا يعظمه، وإن حرص عليه خالف باطنه، أو فخمًا، عظيم القدر عند صحبه, مفخمًا عند من لم يره قط، فهو عظيم أبدًا، أو فخمًا عند الله مفخمًا عند الخلق، وعليها: فليست الفخامة في الجسم، وقيل: هو المراد، ففخامة الوجه امتلاؤه بالجمال والمهابة، أو كثرة لحم الوجنتين مع كمال الجمال، وبدأ الوصَّاف بالوجه دون الهامة؛ لأنه أوّل ما يتوجَّه إليه النظر، وأشرف ما في الإنسان وغيره، فقال: "يتلألأ وجهه" يشرق ويضيء, وأصل تلألأ أبيض, فأسبه بياض اللؤلؤ لضوئه, "تلألؤ القمر" مثل إشراقه واستنارته "ليلة البدر" ليلة أربعة عشر، سُمِّي بدر السبق طلوعه مغيب الشمس، وهو أحسن ما يكون، وشبهه به دون الشمس؛ لأنه ظهر في عالم مظلم بالكفر؛ ولأنَّ نور القمر أنفع من نورها، فنور وجهه أنفع من نور الشمس، وهذا أحسن من الوجه الآتي للمصنف.
"وقالت أم معبد" بفتح الميم، وإسكان المهملة، وفتح الموحدة، ومهملة- عاتكة بنت خالد الخزاعية، صحابية "حين وصفته لزوجها" أبي معبد أكثم -بفتح الهمزة والمثلثة, أو حبيش -بضم المهملة، وفتح الموحدة، وسكون التحتية، ومعجمة- أو لا يعرف اسمه, صحابي، قديم الوفاة: "مبلج الوجه" بموحدة وجيم، "يعني: مشرقه مضيئه، ومنه: تبلج الصبح إذا أسفر"، وأما الأبلج الذي وضع ما بين حاجبيه، فلم يقترنا، فهو أبلج، والاسم البلج -بفتح اللام، فلم ترده أم معبد؛ لأنها وصفته بالقرن، كما تقدَّم مبسوطًا في الهجرة، "وما أحسن قول سيدي علي"، أبي الحسن "بن" محمد, "وفى" رضي الله عنه- الشاذلي، العارف الكبير، ابن العارف الكبير, اليقظ، حادّ الذهن، المالكي، صاحب الكرامات الباهرة، والحكم المتكاثرة، المتوفَّى سنة سبع وثمانمائة، وله تسع وأربعون سنة، "حيث قال": لا حاجة له مع قوله أولًا: ما أحسن قوله، ولذا سقط من نسخ، وإن أمكن توجيهه بأنه من ظرفية الجزئي لكليه، الذي هو قول، ولا يرد أنه يوهم حصر أحسنية قوله المذكور هنا عمَّا سواه؛ لأنه بالنسبة لكونه مدحًا في المصطفى، ثم قول يجوز أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>