للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: "خذوها خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم، يا عثمان إن الله استأمنكم على بيته فكلوا ما يصل إليكم من هذا البيت بالمعروف". قال: فلما وليت ناداني، فرجعت إليه فقال: "ألم يكن الذي قلت لك"؟ قال: فذكرت قوله لي بمكة قبل الهجرة: "لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدي أضعه حيث شئت". قلت:.


وروى الفاكهي عن جبير بن مطعم أنه صلى الله عليه وسلم لما ناول عثمان المفتاح قال له: "غيبه".
قال الزهري: فلذلك يغيب المفتاح وفي هذه الأحاديث كلها أن الذي طلب منه المفتاح، وأتى به عثمان ودفع إليه ووقع عند ابن أبي شيبة بسند جيد عن أبي السفر لما دخل صلى الله عليه وسلم مكة دعا شيبة بن عثمان بالمفتاح مفتاح الكعبة فتلكأ، فقال لعمر: "قم فاذهب معه فإن جاء به وإلا فأخله رأسه". فجاء به فوضعه في حجره، ويمكن الجمع بأن أم عثمان لما امتنعت من دفعه حين أرسل يطلبه المصطفى منها فذهب لها ابنها عثمان وأبطأت عليه دعا شيبة فطلبه منه حتى لا يساعد المرأة في المنع فأرسله مع عمرو، قال له هذه المقالة لتذهب عنه حمية الجاهلية فسلمته لعثمان وهو الذي أتى به، ثم دفع إليه ونسب إليه المجيء به في هذه الرواية، لمجيئه مع ابن عمه، وسكوته على ذلك وإلا فما في الصحيح من أن عثمان هو الآتي به أصح، وقال: "خذوها" أي سدنة الكعبة "خالدة تالدة" معنى كل منها مقيمة، كما في القاموس وغيره فالثاني تأكيد للأول حسنه اختلافا للفظ، وقال المحب الطبري لعل تالدة من التالد وهو المال القديم، أي هي لكم من أول الأمر وآخره، واتباعها لخالدة بمعناها "لا ينزعها منكم إلا ظالم".
وفي رواية: "لا يظلمكموها إلا كافر". أي كافر نعمة الفتح العظيم عليه ويحتمل الحقيقة، أي إن استحل. "يا عثمان إن الله استأمنكم على بيته، فكلوا مما يصل إليكم من هذا البيت" , أي: بسبب خدمته على سبيل التبرع والبر "بالمعروف".
قال المحب الطبري: ربما تعلق به الجهال في جواز أخذ الأجر على دخول الكعبة، ولا خلاف في تحريمه وأنه من أشنع البدع، وهذا إن صح احتمل أن معناه ما يأخذونه من بيت المال على خدمته والقيام بمصالحه ولا يحل لهم إلا قدر ما يستحقونه أو ما يقصدون به من البر والصلة، على وجه التبرر فلهم أخذه وذلك أكل بالمعروف, قال الشمس الحطاب المالكي: والمحرم إنما هو نزع المفتاح منهم لا منعهم من انتهاك حرمة البيت وما فيه قلة أدب.
فهذا واجب لا خلاف فيه، لا كما يعتقده الجهلة أنه لا ولاية لأحد عليهم وأنهم يفعلون في البيت ما شاءوا فهذا لا يقوله أحد من المسلمين "قال" عثمان: "فلما وليت نادناني فرجعت إليه، فقال: "ألم يكن الذي قلت لك". فذكرت قوله لي بمكة قبل الهجرة: "لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدي أضعه حيث شئت". قلت: بلى" جواب للنفي أي قد كان ذلك ولم يقل له

<<  <  ج: ص:  >  >>