ولما وصل عليٌّ إلى البصرة، أرسل القعقاع بن عمرو للتفاوض مع طلحة والزبير، واتفق الجميع على عدم القتال، والانتظار لحين استقرار الأمر، حتى يتسنَّى لعلي تنفيذ القصاص. بيد أن هذا الاتفاق لم يصادف قبولا عند قتلة عثمان الذين تغلغلوا في جيش علي، فقد رأوا في هذا الاتفاق تمهيدا للقضاء عليهم، فباتوا ليلتهم يفكرون في كيفية إشعال الفتنة والحرب بين الجيشين، فاستقر رأيهم على أن تخرج جماعة منهم لتهجم على جيش طلحة والزبير، وتقتل بعض الأفراد منهم، ثم يولوا هاربين، وفي ظلام الليل نفَّذوا ما اتفقوا عليه.
فوجئ جيش طلحة بهجوم عليه، وقَتْلٍ في أفراده، فظنوا أن جيش عليٍّ غدر بهم، فناوشوا جيش عليّ في الصباح، فظن جيش علي أن جيش طلحة والزبير قد غدر، فاستمرت المناوشات بين الفريقين حتى كانت الظهيرة؛ فاشتعلت المعركة.
وعلى الرغم من محاولة علي لتهدئة الموقف من جهة، والزبير وطلحة من جهة أخرى؛ إلا أن نداءاتهم لم تجد آذانا صاغية، وساعد قتلةُ عثمان على إذكاء نار الحرب وتهييجها، حتى كثر القتل في الطرفين، وسالت الدماء، وتناثرت الأشلاء، وعُقر جمل أم المؤمنين عائشة، والذي سُمِّيت الموقعة باسمه، واستبسل الناس في الدفاع عنها، وقُتِل طلحة