مناة ثم من مِنْقَر بن بن عبيد بن الحرث، والحرثُ هو مقاعسُ بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة، قيس بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقر: يكنى أبا علي، وهي أشهر كُناه. قدِم في وفد تيم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك في سنة تسع. فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" هذا شبيهُ أهلِ الوبرِ ". وكان عاقلا، حليما مشهورا بالحلم.
قيل للأحنف بن قيس: ممن تعلمت الحلم؟ قال: من قيس بن عاصم المنقري. رأيته قاعدا بفناء داره مُحتبياً بحمائل سيفه، يحدث قومه حتى أُتى برجل مكتوف وآخر مقتول. فقيل له: هذا ابن أخيك، قد قتل أبنك. قال: فوالله ما حلَّ حبوته، ولا قطع كلامه. فلما أتمه التفت إلى ابن أخيه فقال: يأبن أخي بئس ما فعلت، أَثمتَ بربك، وقطعت رحمك، وقتلت ابن عمك، ورميت نفسك بسهمك. ثم قال لابن له آخر: قم يا بني، وارِ أخاكَ، وحُلَّ كتاف ابن عمِّك، وسُق إلى أمِّه مئة ناقة دية أبنها، فإنها غريبة.
وكان قيس بن عاصم قد حَّم على نفسه الخمر في الجاهلية لأمور مُنكرة فعلها في سكره، فقال فيها:
رأيت الخمر صالحةً وفيها ... خِصالٌ تُفسدُ الرجلَ الحليما
فلا والله أشربُها حياتي ... ولا أعود لها أبداً نديما
فإنَّ الخمر تَفضحُ شاربيها ... وتُجنيهم بها الأمرَ العظيما
ومن جيد قوله:
إني امروٌ لا يَعترى خُلُقي ... دَنسٌ يفنِّدُهُ ولا أَفْنُ
مِن مِنْقرٍ في بيت مَكرمةٍ ... والغُصْنُ يَنْبتُ حولَهُ الغُصْنُ