للنجابة توهما إلاّ إنَّ البلد التي فيها كانت خشنة المباركة فكنت اتقلى فيها على جمر الغضى وأخابطها بما لو ألقي على الحجر لا نفجر وكانت الأناة غالبة على طباعه وجائلة على نظره وسمعه وكان مع ذلك مكدودا بالشفاعات ومضيقا عليه في الجهاد والطاعات فخلعت عن عاتقي نجاد تلك الخطة ودار فلك أمري على غير تلك النقطة وهو عفا الله عنه يقابل توقعي ابلنبساط وفترتي بتجديد الإنشاط انبساطا الأمكنة والأزمنة فقطع عليه غرضه تأخره عن الخطة فما قطعت عنه امتداحا ولا نسيت أيامه حنينا وارتياحا. ثم أعيد إلى الولاية فعدت إليه وقد أتى الهرم والسقم عليه فعاقت منيته عن بلوغ الآمال سلبتني علقا نفيسا لمّا تخلف الأيام والليال:
يا من لصبح الشيب كيف تنفسا ... في لمتي فأجابه ليل الأسى
لا تحسبن سواد شعري نعمة ... لكن كسته هموم قلبي حندسا
إلاّ يكن شاب العذار ولا انحنى ... ظهري فقد شاب الفؤاد وقوسا
إني لأغضى مقلتي عن لائمي ... وأرى ابتسامي من ضميري عبسا
ويلين قلبي للخليل مودة ... فإذا أحس يوما هضيمة قسا
وأجيل لحظي في المنى شغفا بها ... واجل شوقي عن لعل وعن عسى