للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خاشعة لله سلبت، وطولبت بغير ما اكتسبت، وتعدت الأيدي إلى أقوام جلة سعدوا بشفائه، وامتحنوا وهم المبرءون من تزويره واعتدائه وسيسألون يوم لا يغني مال ولا بنون؛ وصار يصرف أغراضه، ويظهر أحقاده بين إفصاح بما كان الإعجام خيراً من إلقائه، وأنَّ عمر المسكين المستضعف لا حاجة في طول بقائه؛ إلى مجاهرة عهد منه أيام شبيبته نقيضها، وانعكس في شاخته تصريحها المنغص وتعريضها؛ لا يريح نفسه من جهد ولا يقف من اللجاجة عند حدّثني. وقد كان ثقل سمعه فساءت إجابته وطغت أخلاقه فسم الناس وساطته وبما استحلف؛ فلم يكن بين اللازمة واللازمة إلاّ الحنث عن قصد وغير قصد، ودعا على نفسه وأبنائه بإنجاز وعد وأن يقيض الله ولهم قاتل عمد. فسبحان القهار فوق عباده، الرحيم بهذا الشخص وبالأموات من شيعته وأولاده.

فاستمر على ذلك إلى إحدى الليالي، فهلك في جنح الليل في جوف داره على يدي مخدومه؛ تلقاه زعموا عند الدخول عليه وهو بالمصحف رافع به يديه فجدلته السيوف وتناولته الحتوف فقضي عليه وعلى من وجد من خدامه وابنيه: كل ذلك بمرأى عين من أهله وبنايه، ولم يتقوا الله فيه حق تقاته؛ فكانت أنكى الفجائع وأفظع الوقائع؛ وساءت القالة وعظم المصاب وكل شيء إلى أجل نافذ وكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>