وقوله:«وإذا التقى الثفر القصير وراءه»، إنما جعله قصيراً ليدل على قصر ظهر الفرس، وذلك هو المحمود في الظهر، والطول مذموم فيه، وقوله:«فالطول حظ عنانه وحزامه»، لأن العنان إنما يطول لطول عنق الفرس، وكلام طالت عنق الفرس كان أعتق له وأكرم وأسرع إذا عدا، وإذا طال الحزام فإنما هو لانتفاخ جوفه، وذلك هو المحمود وضده الهضم، فوصفه في هذا البيت بطول العنق وانتفاخ الجنين وقصر الظهر فأحسن كل الإحسان، وأتى من الوصف بالصواب كله في أجود لفظ وأحسن نسج.
وقوله:«وكان راكبه وراء قذاله ردف» أي: وكأن راكبه ردف وراء قذاله، أي تحسبه رديفاً لإشراف رأسه وعنقه، فلست تراه من قدامه.
وقوله:«وبشعلة كالشيب ...» أحسن فيه كل الإحسان لأنه يصف فرساً أدهم، فأراد أن شعلته شعرات بيض يسيرة في دهمته، كما يبتديء الشيب بمفرقي الرجل الغزل فيلهى عنه، ولا يزيله بخضاب وغيره لاشتغاله بلهوه وغرامه، وهذا أحسن وأصح وأليق ما يكون من الأوصاف في مثل هذا المعنى لا قول أبي تمام:
وبشعلة نبذ كأن فليلها ... ي صهوتيه بدو شيب المفرق
وهو يصف فرساً أبلق.
وقوله:«للخيزران مناسب لعظامه» تشبيه في غاية الصحة والاستقامة.
وقوله:«مثل الغراب» يريد سواده واستواءه، يعني الغراب الأسود.