ليهتدى بالنار آخر القوم إلى المنزل الذي نزل به أولهم.
تظلُ به الأرضُ الفضاء معّضِلا ... وتَجهر أسدامَ المياه قبائلهُ
أي تضيق عنه الأرض لكثرته، والتعضيل أن ينشب الولد في بطن المرأة فلا يخرج، والأسدام المياه المندفنة لطول عهدها بالناس، يقول إذا جاء هؤلاء استقوا منها فأخرجوا مع الماء التراب فيظهر الماء، فذلك الجهر، يقال جهرت البئر، وإنما يريد أن هؤلاء يسلكون طريقا لم يسلكه الناس من مخافته فقد اندفنت مياهه. وقال جرير للفرزدق:
هّلا الزبيرَ مُنعت يومَ تشمستْ ... حرب تَضرَّم نازها مِذكاز
تشمست امتنعت، وهذا مَثل، والناقة إذا حلت امتنعت عن الفحل، مذكار تلد الذكور وهو شر إنما تحمد الإناث. وقال الأخطل:
فإن تك حرب ابنى نزار تواضَعتْ ... فقد عذرتنا في كلابٍ وفي كعبِ
تواضعت سكنت، وكلاب وكعب ابنا ربيعة بن عامر بن صعصعة، عذرتنا جعلت لنا عذرا، يقال عذرْت الرجل وأعذرته أي جعلت له عذرا، يقول إن كانت حربنا سكنت فقد نلنا ما نحب من كلاب وكعب. وقال يذكر عمير بن الحباب حين قُتل:
يسألة الصبر من غسان إذ حَضروا ... والحزمُ كيف قَراك الغِلمة الجشَر
الصبر والحزم قبيلتان من غسان وكان عمير يقول: إنما هؤلاء جشر لنا والجشر القوم العزّاب في إبلهم، فلما مروا برأسه على