للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

١٨١٨١ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ،


= رمي يوم أحد بسهم، فأصاب أكحله، فأمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكوي على أكحله، وسلف من حديث أنس بن مالك برقم (١٢٤١٦) أن أبا طلحة كواه، ولم ينهه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، غير أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد كره الكي كما ورد من حديث جابر مرفوعا: " ... وما أحب أن أكتوي" ومن حديث ابن مسعود (٤٠٥٤) وفيه: "ارضِفُوه إن شئتم" كأنه غضبان.
قال الإمام أحمد فيما نقله عنه البيهقي في" شعب الإيمان" (١١٦٦) في شرح هذا الحديث: وذلك لأنه رَكِبَ ما يُستحب من التنزيه عنه من الاكتواء لما فيه من الخطر، ومن الاسترقاء بما لا يُعرف من كتاب الله عز وجل أو ذِكره، لجواز أن يكون ذلك شركاً، أو استعملها معتمدا عليها، لا على الله تعالى، فيما وضع فيهما من الشفاء، فصار بهذا أو بارتكابه المكروه بريئاً من التوكل، فإن لم يوجد واحد من هذين وغيرِهما من الأسباب المباحة، لم يكن صاحبها بريئاً من التوكل، والله تعالى أعلم.
وقال السندي: قوله: "فقد بريء من التوكل"، أي: ليس من كمال التوكل التعلقُ بالأسباب البعيدة، كالرقية والكي، فالمتعلقُ بمثل هذه الأسباب ليس من أهل الكمال في التوكل.
قلنا: قد سلف من حديث ابن عبّاس برقم (٢٤٤٨) ذكرُ الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، و"هم الذين لا يكتوون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون".
قال ابن عبد البر في "التمهيد" ٢٤/٦٥: الكي باب من أبواب التداوي والمعالجة، ومعلوم أن طلب العافية بالعلاج والدعاء مباح.... وقال: وقد عارض النهي عن الكي من الإباحة ما هو أقوى، وعليه جمهور العلماء، ما أعلم بينهم خلافاً أنهم لا يرون بأساً بالكي عند الحاجة إليه.... وقال: فمن ترك الكي ثقة بالله وتوكلاً عليه كان أفضل، لأن هذه منزلة يقين صحيح، وتلك منزلة رخصة وإباحة.