رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ إنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» . وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «إنَّ الَّذِي يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» . وَفِي أُخْرَى لَهُ «مَنْ شَرِبَ فِي إنَاءٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَإِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارًا مِنْ جَهَنَّمَ» قَالَ فِي الْمَطَالِعِ: بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا فَمَنْ نَصَبَ جَعَلَ الْجَرْجَرَةَ بِمَعْنَى الصَّبِّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الزَّجَّاجُ.
أَيْ إنَّمَا يَصُبُّ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ.
وَالْجَرْجَرَةُ الصَّوْتُ الْمُتَرَدِّدُ فِي الْحَلْقِ. وَجَرْجَرَ الْفَحْلُ: إذَا رَدَّدَ صَوْتَهُ فِي حَلْقِهِ. وَقَدْ يَصِحُّ النَّصْبُ عَلَى هَذَا أَيْضًا إذَا عُدِّيَ الْفِعْلُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَزْهَرِيُّ.
قَالَ: وَوَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ فِي مُسْلِمٍ «كَأَنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ» قَالَ: وَهَذَا يُقَوِّي رِوَايَةَ النَّصْبِ. انْتَهَى.
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «لَا تَلْبِسُوا الْحَرِيرَ، وَلَا الدِّيبَاجَ، وَلَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهِمَا فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ» .
قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الدِّيبَاجُ مَعْرُوفٌ مُعَرَّبٌ يَعْنِي أَنَّهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَرِيرِ، وَهُوَ مَا غَلُظَ مِنْهُ وَهُوَ مُعَرَّبٌ لَا عَرَبِيٌّ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ إلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُسْلِمٍ أَبَا طَيْبَةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ وَشَرِبَ فِي الْفِضَّةِ فَلَيْسَ مِنَّا. وَمَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا أَوْ عَبْدًا عَلَى مَوَالِيهِ فَلَيْسَ مِنَّا» . وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَلْبَسْ حَرِيرًا، وَلَا ذَهَبًا» رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ.
وَرَوَى الْإِمَامُ أَيْضًا وَالطَّبَرَانِيُّ وَرُوَاةُ الْإِمَامِ ثِقَاتٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي، وَهُوَ مُتَحَلِّي الذَّهَبِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ لِبَاسَهُ فِي الْجَنَّةِ» وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute