للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْيُمْنَى مُبَاشَرَةُ (أَوْسَاخِهِ) أَيْ دَرَنِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْقَذَرِ مِثْلُ الِامْتِخَاطِ (مَعَ) أَيْ كَمَا يُكْرَهُ مُبَاشَرَةُ (نَثْرِ مَاءِ أَنْفِهِ) أَيْ اسْتِنْثَارِ الْمَاءِ مِنْ أَنْفِهِ (الرَّدِي) أَيْ الْقَذِرِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، وَكَذَا مَاءُ الْوُضُوءِ، فَإِنَّهُ يُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ اسْتِنْثَارُهُ بِالْيُسْرَى وَيُكْرَهُ بِالْيُمْنَى، وَكَذَا تَنْقِيَةُ وَسَخِ الْأُذُنِ بِلَا حَاجَةٍ إلَى ذَلِكَ.

كَذَا خَلْعُ نَعْلَيْهِ بِهَا وَاتِّكَاؤُهُ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى وَرَا ظَهْرِهِ اشْهَدْ وَ (كَذَا) يُكْرَهُ لِكُلِّ أَحَدٍ خَلْعُ نَعْلَيْهِ: تَثْنِيَةُ نَعْلٍ، وَهُوَ مَا وُقِيَتْ بِهِ الْقَدَمُ مِنْ الْأَرْضِ كَالنَّعْلَةِ مُؤَنَّثَةٍ وَجَمْعُهُ نِعَالٌ، وَنَعِلَ كَفَرِحَ وَتَنَعَّلَ وَانْتَعَلَ لَبِسَهَا كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: النَّعْلُ مُؤَنَّثَةٌ، وَهِيَ الَّتِي تُلْبَسُ فِي الْمَشْيِ تُسَمَّى الْآنَ تَاسُومَةً.

وَمِثْلُ النَّعْلَيْنِ فِي الْحُكْمِ الْخُفَّيْنِ، وَالْجُرْمُوقَيْنِ فَيُكْرَهُ خَلْعُ ذَلِكَ وَنَحْوِهِ (بِهَا) أَيْ بِالْيَدِ الْيُمْنَى؛ لِأَنَّ الْيَدَ الْيُمْنَى يُسْتَحَبُّ مُبَاشَرَتُهَا لِلْخَيْرَاتِ وَتَقْدِيمُهَا فِي الْقُرُبَاتِ فَهِيَ لِمَا شَرُفَ، وَالْيُسْرَى لِمَا خَبُثَ فَيُنْدَبُ تَقْدِيمُ الْيُمْنَى فِي الْوُضُوءِ، وَالْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ وَلُبْسِ الثَّوْبِ وَالنَّعْلِ وَالسَّرَاوِيلِ، وَالْخُفِّ وَدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالِاكْتِحَالِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَقَصِّ الشَّارِبِ وَحَلْقِ الرَّأْسِ وَنَتْفِ الْإِبْطِ وَالسَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَالْمُصَافَحَةِ وَاسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، وَالْخُرُوجِ مِنْ الْخَلَاءِ، وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ نَحْوِ السُّلُوكِ فَيَبْتَدِئُ بِالشِّقِّ الْأَيْمَنِ مِنْ فَمِهِ، وَأَمَّا إمْسَاكُ السِّوَاكِ حَالَ التَّسَوُّكِ فَبِالْيُسْرَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ إزَالَةِ الْقَاذُورَاتِ.

وَأَمَّا مَا خَبُثَ مِنْ نَحْوِ تَقْدِيمِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى لِلْخَلَاءِ، وَالْحَمَّامِ وَالِامْتِخَاطِ وَالِاسْتِنْجَاءِ، وَمَا شَابَهَ ذَلِكَ فَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ بِالْيُسْرَى. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ سَيِّدَتِنَا عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا وَعَلَى أَبِيهَا «كَانَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْيُمْنَى لِطَهُورِهِ وَطَعَامِهِ، وَالْيُسْرَى لِخَلَائِهِ، وَمَا كَانَ مِنْ أَذًى» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.

وَقَالَتْ أَيْضًا: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطَهُورِهِ، وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَأَخْرَجَا أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا انْتَعَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>