جَهَنَّمَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَإِنْ كُنْت لَا بُدَّ فَاعِلًا فَاصْنَعْ الشَّجَرَ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ» .
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ حَيَّانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ لِي عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَلَا أَبْعَثُك عَلَى مَا بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا تَدَعَ صُورَةً إلَّا طَمَسْتهَا، وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّيْتَهُ» .
وَفِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ «لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ» وَفِي مُسْلِمٍ «لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا تَمَاثِيلُ» وَالْمُرَادُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَالْبَرَكَةِ دُونَ الْحَافِظِينَ وَغَيْرِهِمَا، كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ وَضَّاحٍ وَالْخَطَّابِيُّ وَآخَرُونَ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَالظَّاهِرُ الْعُمُومُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَطَّلِعَ اللَّهُ عَلَى عَمَلِ الْعَبْدِ وَيُسْمِعَهُمْ قَوْلَهُ وَهُمْ بِبَابِ الدَّارِ الَّذِي هُوَ فِيهَا مَثَلًا كَمَا قَالَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ.
وَالْمُرَادُ بِالصُّورَةِ الَّتِي لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ الْبَيْتَ الَّتِي هِيَ فِيهِ مَا يَحْرُمُ اقْتِنَاؤُهُ وَهُوَ مَا يَكُونُ مِنْ الصُّوَرِ الَّتِي فِيهَا الرُّوحُ مَا لَمْ يُقْطَعْ رَأْسُهُ أَوْ لَمْ يُمْتَهَنْ، قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ. وَمِثْلُهُ الْكَلْبُ، يَعْنِي حَيْثُ لَمْ يُبَحْ اقْتِنَاؤُهُ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ.
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَخْرُجُ عُنُقٌ مِنْ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهَا عَيْنَانِ تُبْصِرَانِ وَأُذُنَانِ تَسْمَعَانِ وَلِسَانٌ يَنْطِقُ يَقُولُ إنِّي وُكِّلْت بِثَلَاثَةٍ: بِمَنْ دَعَا مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ، وَبِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَبِالْمَصُورِينَ» .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: الْعُنُقُ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ أَيْ طَائِفَةٌ وَجَانِبٌ مِنْ النَّارِ.
إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَإِطْلَاقُ النَّاظِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَخْصُوصٌ بِصُوَرِ الْحَيَوَانِ دُونَ الشَّجَرِ وَمَا لَا رُوحَ فِيهِ، وَيَعْنِي دُونَ مَا لَيْسَ هُوَ عَلَى هَيْئَةِ ذِي رُوحٍ وَمَا لَا تَبْقَى مَعَهُ حَيَاةٌ كَإِبَانَةِ رَأْسِ الصُّورَةِ. نَعَمْ لَوْ فَصَلَهَا بِنَحْوِ خَطٍّ مِمَّا يَزِيدُهَا رَوْنَقًا لَمْ تَزُلْ الْحُرْمَةُ. وَعُمُومُ نِظَامِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَتَنَاوَلُ الصُّوَرَ الَّتِي عَلَى نَحْوِ الثِّيَابِ مِنْ السُّتُورِ لَكِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالصُّوَرِ الَّتِي عَلَى نَحْوِ الْحِيطَانِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ أَتْلَفَهَا بِخِلَافِ الصُّوَرِ الْمُصَوَّرَةِ عَلَى السُّتُورِ وَالثِّيَابِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ تَخْرِيقُهَا وَإِنْ كَانَ تَصْوِيرُهَا حَرَامًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute