للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال رجل لأبي حازم: ما شكر العينين يا أبا حازم؟ قال: إن رأيت بهما خيرًا أعلنته، وإن رأيت بهما شرًّا سترته. قال: فما شكر الأذنين؟ قال: إن سمعت بهما خيرًا وعيته، وإن سمعت بهما شرًّا دفعته. قال: فما شكر اليدين؟ قال: لا تأخذ بهما ما ليس لهما، ولا تمنع حقًّا للَّه هو فيهما. قال: فما شكر البطن؟ قال: أن يكون أسفله طعامًا وأعلاه علمًا. قال: فما شكر الفرج؟ قال: كما قال اللَّه تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (٧)[المؤمنون: ٥ - ٧]. قال: فما شكر الرِّجلين؟ قال: إن علمت شيئًا تغبطه استعملت بهما عمله، وإن مقته رغبت عن عمله وأنت شاكر للَّه، وأما من شكر بلسانه ولم يشكر بجميع أعضائه فمثله كمثل رجل له كساء فأخذ بطرفه ولم يلبسه، فما ينفعه ذلك من الحرّ والبرد والثلج والمطر (١).

وذكر عبد اللَّه بن المبارك: أن النجاشي أرسل ذات يوم إلى جعفر وأصحابه، فدخلوا عليه وهو في بيت عليه خُلْقان (٢) جالس على التراب، قال جعفر: فأشفقنا منه حين رأيناه على تلك الحال، فلما رأى ما في وجوهنا قال: إني أبشركم بما يسرّكم، إنه جاء من نحو أرضكم عين لي فأخبرني أن اللَّه نصر نبيه وأهلك عدوّه، وأُسِرَ فلان وفلان


= (٤٤٦٩).
والحديث ضعفه ابن حجر في لسان الميزان (٢/ ١٥٢).
(١) رواه ابن أبي الدنيا في "الشكر" رقم (١٢٩)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٣/ ٢٤٣).
(٢) يقال: ثوبٌ خَلَق، أي: بالٍ، والجمع خُلقان وأخلاق. انظر: "لسان العرب" (١٠/ ٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>