للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

-واللَّه- أفقرُ ما يكون إلى عمله إذا انقطعت عنه الدنيا (١).

وفي صحيح البخاري (٢) عن عبيد بن عمير قال: قال عمر يومًا لأصحاب النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: فيم ترون (٣) هذه الآية نزلت: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ} (٤) [البقرة/ ٢٦٦]؟ قالوا: اللَّه أعلم. فغضب عمر، فقال: قولوا: نعلم أو لا نعلم. فقال ابن عباس: في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين. قال عمر: قل يا ابن أخي ولا تحقِرْ بنفسِك (٥). قال ابن عباس: ضُرِبت مثلًا لعمل. قال عمر: أيّ عمل؟ قال ابن عباس: لعمل. قال عمر: لرجل عمل بطاعة اللَّه، ثمَّ بعث اللَّه له الشيطان فعمل بالمعاصي حتَّى أغرق أعماله.

فقوله تعالى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ} أخرجه مخرج الاستفهام الإنكاري، وهو أبلغ من النفي والنهي، وألطف موقعًا؛ كما ترى غيرك يفعل فعلًا قبيحًا فتقول: أيفعل هذا عاقل؟ أيفعل (٦) هذا من يخاف اللَّه والدار الآخرة؟

وقال: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ} بلفظ الواحد لتضمّنه معنى الإنكار العامّ، كما تقول: أيفعل هذا أحد فيه خير؟ وهو أبلغ في الإنكار من أن يقال:


(١) الكشاف (١/ ٣١٤).
(٢) كتاب التفسير (٤٥٣٨).
(٣) "ك": "هم يرون" وصحح في الحاشية. وكذا كان في نسخة الناشر فغيّر ما قبله: "سأل عمر يومًا أصحاب. . . ".
(٤) "ك، ط": ". . . من نخيل".
(٥) كذا في الأصل مضبوطًا بكسر السين، وكذا في "ف، ك". وفي "ب": "نفسَك"، وكذا في الصحيح.
(٦) "ك، ط": "لا يفعل" في هذه الجملة والجملة السابقة، وهو خطأ.