للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه معنيان: أحدهما: أنَّ اللَّه غنيٌّ عنكم، لن يناله شيء من صدقاتكم، وإنَّما الحظّ الأوفر لكم في الصدقة، فنفعُها عائدٌ إليكم (١)، لا إليه سبحانه. فكيف بمنفقٍ (٢) يمنُّ بنفقته ويؤذي بها (٣) مع غنى اللَّه التام عنها وعن كلِّ ما سواه؟ ومع هذا فهو حليمٌ، إذ لم يعاجل المانَّ المؤذيَ (٤) بالعقوبة. وفي ضمن هذا الوعيدُ له (٥) والتحذيرُ.

والمعنى الثاني: أنَّه سبحانه مع غناه التامّ من كلِّ وجه، فهو الموصوف بالحلم والتجاوز والصفح، مع عطائه الواسع وصدقاته العميمة؛ فكيف يؤذي أحدكم بمنّه وأذاه، مع قلَّة ما يعطي ونزارتِه وفقرِه؟

ثمَّ قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (٢٦٤)} [البقرة/ ٢٦٤].

فتضمَّنت هذه الآية الإخبار بأنَّ المنّ والأذى يحبط (٦) الصدقة، وهذا دليل على أنَّ الحسنة قد تُحبَط بالسيّئة، مع قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ


(١) "ب، ك، ط": "عليكم".
(٢) محرّف في "ك" وساقط من "ط".
(٣) "بها" ساقط من "ك، ط".
(٤) "المؤذي" ساقط من "ب، ك، ط".
(٥) "له" ساقط من "ك، ط".
(٦) "ف": "محبط". وفي الأصل كما أثبتنا، وكذا في "ب، ك، ط".