للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإنفاق في أيّ وقت وُجِدَ من ليل أو نهار، وعلى أيّ حالةٍ وُجِد من سرّ أو علانية (١)، فإنَّه سبب للجزاءِ على كل حالِّ. فلْيبادر إليه العبدُ، ولا ينتظر به غيرَ وقته وحاله، فلا يؤخّر (٢) نفقة الليل إذا حضر إلى النهار، ولا نفقة النهار إلى الليل، ولا ينتظر بنفقة العلانية وقتَ السرّ، ولا بنفقة السرّ وقت العلانية؛ فإنَّ نفقته في أيّ وقت وعلى أيّ حال وُجِدتْ سببٌ لأجره وثوابه.

فتدبَّر هذه الأسرار في القرآن، فلعلَّك لا تظفر بها فيما يمر بك من التفاسير (٣). والمنَّة والفضل للَّه وحده لا شريك له.

ثمَّ قال تعالى: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (٢٦٣)} [البقرة/ ٢٦٣].

فأخبر سبحانه أنَّ القولَ المعروفَ -وهو الذي تعرفه القلوب ولا تنكره- والمغفرة -وهي (٤) العفو عمَّن أساءَ إليك- خيرٌ من الصدقة المقرونة (٥) بالأذى. فالقول المعروف إحسان وصدقة بالقول، والمغفرة إحسان بترك المؤاخذة والمقابلة؛ فهما نوعان من أنواع الإحسان، والصدقة المقرونة بالأذى حسنة مقترنة (٦) بما يبطلها، ولا ريب أنّ حسنتين خير من حسنة باطلة.


(١) "ب، ك، ط": "وعلانية".
(٢) "ك، ط": "ولا يؤخر".
(٣) "ك": "بها تمرّ. . . ". "ط": "بها تمرّ بك في التفاسير".
(٤) "ف": "هو"، سهو.
(٥) "المقرونة" ساقط من "ك، ط".
(٦) "ب، ك، ط": "مقرونة".