للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الضَّبَّةَ مُقْفَلٌ بها (١)، واللهُ أعلمُ.

قُلْتُ: ولأنَّها لَمَّا كانتْ على كَلامٍ فيهِ خَلَلٌ أشْبَهَتِ الضَّبَّةَ التي تُجْعَلُ على كَسْرٍ أوْ خَلَلٍ، فَاسْتُعِيرَ (٢) لَهَا اسْمُها، ومِثْلُ ذلكَ غيرُ مُسْتَنْكَرٍ في بابِ الاسْتِعَاراتِ (٣).

ومِنْ مَوَاضِعِ التَّضْبِيبِ أنْ يَقَعَ في الإسْنادِ إرْسَالٌ أو انْقِطَاعٌ، فَمِنْ عادَتِهِمْ تَضْبِيبُ مَوْضِعِ الإرْسَالِ والانْقِطَاعِ وذلكَ مِنْ قَبِيلِ ما سَبَقَ ذِكْرُهُ مِنَ التَّضْبِيبِ عَلَى الكَلاَمِ النَّاقِصِ. ويُوجَدُ في بعضِ أصُولِ الحديثِ القَدِيْمَةِ في الإسْنَادِ الذي يَجْتَمِعُ فيهِ جَمَاعَةٌ مَعْطُوفَةٌ أسْمَاؤُهُمْ بَعْضُهَا على بعضٍ عَلامةٌ تُشْبِهُ الضَّبَّةَ فيما بينَ أسْمَائِهِمْ، فَيَتَوَهَّمُ مَنْ لاَ خِبْرَةَ لهُ أنَّها ضَبَّةٌ وليسَتْ بضَبَّةٍ، وكأنَّها عَلامةُ وَصْلٍ فيما بينَها (٤)، أُثْبِتَتْ تَأْكِيداً للعطْفِ، خَوفاً مِنْ أنْ تُجْعَلَ ((عَنْ)) مَكانَ الواوِ، والعِلْمُ عِندَ اللهِ تَعَالَى. ثُمَّ إنَّ بَعضَهُمْ رُبَّمَا اخْتَصَرَ عَلامةَ التَّصْحِيحِ فَجَاءتْ صُورَتُها تُشْبِهُ صُورَةَ التَّضْبِيبِ، والفِطْنَةُ مِنْ خَيْرِ ما أُوتِيهُ الإنسَانُ، واللهُ أعلمُ.

الثَّالِثَ عَشَرَ: إذا وقَعَ في الكِتابِ ما ليسَ مِنهُ فإنَّهُ يُنْفَى عنهُ بالضَّرْبِ أو الحكِّ أو الْمَحْوِ، أوْ غيرِ ذلكَ. والضَّرْبُ خَيرٌ مِنَ الْحَكِّ والْمَحْوِ. رُوِّيْنا عَنِ القَاضِي أبي محمَّدِ بنِ خَلاَّدٍ - رَحِمَهُ اللهُ - قالَ: قالَ أصْحَابُنا: ((الْحَكُّ تُهْمَةٌ)) (٥). وأخْبَرَنِي مَنْ أُخْبِرَ عَنِ القَاضِي عِيَاضٍ قالَ: سَمِعْتُ شَيْخَنا أبا بَحْرٍ سُفيانَ بنَ العَاصِ (٦) الأسدِيَّ يَحْكِي عَنْ


(١) الإلماع: ١٦٩.
(٢) في (ع): ((استعير)) من غير فاء، وما أثبتناه من النسخ و (م).
(٣) اعترض الحافظ العراقي على ذلك. فانظر: التقييد: ٢١٤، وشرح التبصرة ٢/ ٢٢٩، والمحاسن: ٣١٦، وتوجيه النظر ٢/ ٧٨٤.
(٤) في (ب) و (جـ): ((بينهما)).
(٥) المحدّث الفاصل: ٦٠٦، وأخرجه الخطيب في الجامع (٥٨٧).
(٦) في (م) والشذا الفياح وعدد من المصادر: ((العاصي))، وما أثبتناه من النسخ الخطية و (ع) والتقييد، ومثله في سير أعلام النبلاء ١٩/ ٥١٥، وفتح المغيث ٢/ ١٧٩، وشذرات الذهب ٤/ ٦١، وغيرها. قال العيني في عمدة القاري ٢/ ٨٩ تعليقاً على اسم ((عمرو بن العاصي))، قال: ((قوله: ((العاصي)) الجمهور على كتابته بالياء، وهو الفصيح عند أهل العربية، ويقع في كثير من الكتب بحذفها، وقد قرئ في السبع نحوه كالكبير المتعال والداع)). وانظر: النكت الوفية ٢٩٥ / أ.

<<  <   >  >>