للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: جَعلَني دَوَرَاني معَ الشّؤونِ معَ شَأن وهي الأمورُ واحتِيالي فيهَا نَجداً، أي: دَليلاً مَاهراً شُجاعاً مَاضياً فيمَا يعجزُ غَيري.

قولهُ: (وَتعقّبَهُ القَاضِي عِيَاضٌ) (١) كلامُ ابنِ خَلاد ليسَ بمتعقّبٍ، فإنّه محمولٌ على ما إذا لم يُحتجْ إليهِ وعَدُّه لعمرَ بنِ عبدِ العزيزِ ومَن بعدهُ لا يقدحُ فيهِ، بل يؤيدُهُ، فإنّ كلاً منهُم لم يُحدّث حتى احتيجَ في الفقهِ أو غيرهِ إليهِ.

وقد أجابَ عنهُ ابنُ الصّلاح بهذا، كما نقلهُ عنه الشيخُ (٢) في آخرِ هذه المقولةِ والحاصلُ أنّ ذلكَ موقوفٌ على الحاجةِ.

قالَ ابنُ دقيقِ العيدِ: ((ويختلفُ ذلكَ بحسبِ الزمانِ والمكانَ، فَرُبَّ بلادٍ مهجورةٍ يقعُ إليها مَن يُحتاجُ إلى روايتهِ هناكَ، ولا يحتاجُ إلى روايتهِ في البلادِ التي يكثرُ فيها العلماءُ)) (٣).

قوله: (العِلْمُ والحَدِيثُ) (٤) هوَ من عطفِ الخاصِّ على العامِّ، ويحتملُ أن يكونَ المرادُ بالعلمِ: الكلامُ على الحديثِ مَتناً وسَنداً، وأن يكونَ المرادُ بالحديثِ اللفظُ كذلكَ.


(١) شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ١٩، وكلام القاضي عياض في " الإلماع ": ٢٠٠ - ٢٠٢.
(٢) شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ٢١، وقول ابن الصلاح في " معرفته ": ٣٤٦: ((قلت: ما ذكره ابن خلاد غير مستنكر، وهو محمول على أنه قاله فيمن يتصدى للتحديث ابتداءً من نفسه غير براعة في العلم تعجلت له قبل السن الذي ذكر، فهذا إنما ينبغي له ذلك بعد استيفاء السن المذكور فإنه مظنة الاحتياج إلى ما عنده)).
(٣) الاقتراح: ٢٤٥.
(٤) شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ١٩ حكاه العراقي عن القاضي عياض قالَ: ((وكم من السلف المتقدمين ومن بعدهم من المحدثين من لم ينته إلى هذا السن ولا استوفى هذا العمر، ومات قبله وقد نشر من العلم والحديث ما لا يحصى .. )). وانظر: الإلماع: ٢٠٠ - ٢٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>