للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَوَى مُسلمٌ (١): عن عياضِ بنِ حمارٍ - رضي الله عنه -: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: ((إنَّ الله أَوحَى إليّ أن تَواضَعُوا)) (٢). انتهى.

قولُهُ: (بيانٌ للوقتِ) (٣) مُرادُهُ السّنَّ كَما قالَ ابنُ الصَّلاحِ: ((وقَدِ اختُلِفَ في السِّنِّ الذي إذا بلغَهُ استُحِبَّ له التصدِّي لإسماعِ الحديثِ والانتصابِ

لروايتهِ)) (٤).

قولُهُ: (فَقَد اختلفَ فيهِ كَلامُ الخطيبِ وابنِ الصَّلاحِ) (٥) ليسَ بينَهما اختلافٌ في التَّحقيقِ، فإنَّ كلامَ الخطيبِ محمولٌ على ما إذا طُلبَ منهُ أن يُحدِّثَ عندَ الاحتياجِ إليهِ، بدليلِ قولهِ: ((وَلاَ يَمتَنع)) (٦) وَكَلامَ ابنِ / ٢٣٣ ب / الصَّلاحِ (٧) عَلَى مَا إذا لَم يُطلَبْ ذَلكَ مِنهُ، بَلْ ولَمْ يَكُنْ يَعرِف أنَّ الحَديثَ عِندهُ، فَإنَّهُ يُستَحبُّ لَهُ أنْ يَتَصدَّى، أي: يَتعرَّضَ للنَّاسِ ليُعرفَ أنَّ ذلكَ الحديثَ عندَهُ.


(١) ٨/ ١٦٠ (٢٨٦٥) (٦٤).
(٢) أخرجه أيضاً: أحمد ٤/ ١٦٢ و٢٦٦، والبخاري في " خلق أفعال العباد ": ٤٨، وأبو داود
(٤٨٩٥)، وابن ماجه (٤١٧٩)، والنسائي في " فضائل القرآن " (٩٥) و (٩٦)، وأبو نعيم في " الحلية " ٢/ ١٧. وانظر: المجموع ١/ ٧٤.
(٣) شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ١٩.
(٤) معرفة أنواع علم الحديث: ٣٤٤.
(٥) شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ١٩.
(٦) قالَ الخطيب في " الجامع ": ١٦٩ عقب (٧٢٦): ((فإن احتيج إليه في رواية الحديث قبل أن تعلو سنه، فيجب عليه أن يحدّث ولا يمتنع؛ لأن نشر العلم عند الحاجة إليه لازم، والممتنع من ذلك عاص آثم)).
(٧) قالَ ابن الصلاح في " معرفته ": ٣٤٤: ((والذي نقوله: إنه متى احتيج إلى ما عنده، استحب له التصدي لروايته ونشره في أي سن كانَ)).
ومن كلام ابن الصلاح هذا وكلام الخطيب الذي سبق، تبين أنه لا يوجد اختلاف بين كلاميهما، وما ذهب إليه البقاعي من عدم وجود اختلاف هو الأصح، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>