للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأحوالِهم، فاضمحلَّ استنادهُ إلى الإجماعِ ونحوهِ، فترجحَ الأولُ ترجُّحاً ظَاهراً. ومقابِلُهُ - وهو القولُ الثاني -شاذٌّ، كَما أَنَّ مقابلَ القولِ الثالثِ خِلافٌ كثيرٌ فَاشٍ (١).

قولهُ: (فَإنَّها - أي: السُننَ المرفوعةَ - أَقوالُهُ، وأفعالهُ، وتقريرهُ) (٢) إنْ أرادَ السُننَ التي يتلقَى مِنها الأحكامَ، كَما يَقصدهُ الأصوليونَ؛ فإنَّهم لا يبحثونَ إلا عمَّا يتفرعُ عليهِ الأحكامُ، فَلا اعتراضَ عليهِ، وإنْ أَرادَ مُطلقَ الأحاديثِ المرفوعةِ، وَهوَ الظَاهر مِن كَلامهِ؛ فإنَّ وظيفةَ المحدّثِ أنْ يُبيّنَ المرفوعَ مِن غيرهِ، سَواءٌ أفادَ حُكماً، أم لا، فَيردُ / ١٠١ ب / عليهِ مَا ليسَ كذلكَ، ممَّا ليسَ فيهِ قولٌ، ولا فعلٌ، ولا تقريرٌ، كقولِ أَبي جُحيفة - رضي الله عنه -: ((رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وكانَ الحسنُ بنُ عليّ رضي اللهُ عنهمَا يُشبهُهُ)) أَخرجهُ البخَاريُّ (٣) في صِفةِ النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وَكذا الأحاديثُ التي فيها ذِكر صِفةِ النبي - صلى الله عليه وسلم - مِن أنَّهُ كانَ أَزهرَ اللَّونِ (٤)، أنورَ المتجردِ (٥)، أشكلَ العينينِ (٦)، أقنى الأنفِ (٧)، ضَليعَ (٨) الفَمِ (٩)، ونحو ذلكَ، فإنَّ مثلَ هَذا مرفوعٌ اتفاقاً، وليسَ فيهِ وَاحدٌ منَ الثلاثةِ.


(١) من قوله: ((كما أن)) إلى هنا لم يرد في (ف).
(٢) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ١٩١.
(٣) صحيح البخاري ٤/ ٢٢٧ (٣٥٤٣).
(٤) أي: الأبيض المستنير: والزهر والزهرة: البياض النيِّر، وهو أحسن الألوان. النهاية ٢/ ٣٢١.
(٥) جاء في حاشية (أ): ((أي التعري))، وفي النهاية ١/ ٢٥٦: أي: ما جُرّد عنه الثياب من جسده وكشف، يريد أنه كان مشرق الجسد.
(٦) أي: بياضهما شيء من حمرة، وهو محمود محبوب. النهاية ٢/ ٤٩٥.
(٧) أي: طوله ورقّة أرنبته مع حَدَب في وسطه. النهاية ٤/ ١١٦.
(٨) جاء في حاشية (أ): ((العرب تفتخر بكبر الفم)).
(٩) انظر: شمائل النبي - صلى الله عليه وسلم -: ٣٦ - ٣٨ (٧) (٨)، ومعناه: عظيمه، وقيل: واسعه، والعرب تمدح عظم الفم وتذم صغره. النهاية ٣/ ٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>