للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (كقولِ الترمذيِّ وغيرهِ) (١) إنما قالَ: ((وغيرهِ)) حتى لا يظنَّ أنَّ الجمعَ بينَ / ٨٥ب / الوصفينِ إنما وقعَ في كلامه فقط، فقد جاء في كلامِ غيرهِ، كعلي بنِ المديني، ويعقوبَ بنِ شيبةَ.

قوله: (إذا كانَ حسنَ اللفظِ أنه حسنٌ) (٢) قالَ ابنُ دقيقِ العيدِ بعد ذلكَ: ((وذلكَ لا يقوله أحدٌ من المحدّثينَ (٣) إذا جروا على اصطلاحهم)) (٤). نقلهُ عنهُ الشيخُ في " النكت " (٥)، ثمَّ قالَ: ((قلتُ: قد أطلقوا على الحديثِ الضعيفِ بأنَّهُ حسنٌ، وأرادُوا حسنَ اللفظِ، لا المعنى الاصطلاحي، فرَوَى ابنُ عبدِ البرِّ في كتابِ " بيانِ آدابِ العلمِ " حديثَ معاذ بنِ جبلٍ مرفوعاً: ((تعلّموا العلمَ؛ فإنَّ تعلّمَهُ للهِ خشيةٌ، وطلبهُ عبادةٌ، ومذاكرتهُ تسبيحٌ، والبحثَ عنهُ جهادٌ، وتعلمهُ لمن لا يعلمهُ صدقةٌ، وبذلهُ لأهلهِ قربةٌ؛ لأنَّهُ معالمُ الحلالِ والحرامِ، ومنارُ سُبُلِ (٦) أهلِ الجنةِ، وهو الأنس في الوحشةِ، والصاحبُ في الغربةِ، والمحدثُ في الخلوةِ، والدليلُ على السراءِ والضراءِ، والسلاحُ على الأعداءِ، والزينُ عندَ الأخِلاءِ، يرفعُ اللهُ بهِ أقواماً، فيجعلهم في الخيرِ قادةً، وأئمةً تُقتصُ آثارُهم، ويُقتدَى بفعالهم، ويُنتهى إلى رأيهم، ترغبُ الملائكةُ في خلّتِهم، وبأجنحتها تمسحهم، يستغفرُ لهمُ كلُّ رطْبٍ ويابسٍ، وحيتانُ البحرِ وهوامُهُ، وسباعُ البرِّ وأنعامُهُ؛ لأنَّ العلمَ حياةُ القلوبِ منَ الجهلِ؛ ومصابيحُ الأبصارِ منَ الظلمِ، يبلغُ العبدُ بالعلمِ منازلَ الأخيارِ، والدرجاتِ العلى في


(١) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ١٧١.
(٢) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ١٧٢، وهي عبارة ابن دقيق العيد في الاقتراح: ١٩٩.
(٣) في الاقتراح: ((أهل الحديث)).
(٤) الاقتراح: ١٩٩.
(٥) التقييد والإيضاح: ٦٠ - ٦١.
(٦) في التقييد: ((سبيل))، وفي جامع بيان العلم ((سبل)) كما هو في المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>