للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظاهرُ منْ كلامِ الحاكمِ أبي عبدِ اللهِ الحافظِ في تصرفاتهِ، وإليهِ يومىءُ في تسميتهِ كتابِ الترمذيِّ بـ " الجامعِ الصحيحِ " (١)، ثمَّ يسمِّي الواصفينَ لها أو لبعضِها بالصحيحِ، وقالَ: وهذا تساهلٌ؛ لأنَّ فيها ما صرحوا بكونهِ ضعيفاً، أو منكراً، أو غيرَ (٢) ذلكَ منْ أنواعِ الضعيفِ، وصرَّحَ (٣) أبو داودَ فيما قدَّمنَا روايتَهُ عنه بانقسامِ ما في كتابهِ إلى صحيحٍ وغيرهِ، والترمذيُّ مصرِّحٌ فيما في كتابهِ بالتمييزِ بينَ الصحيحِ والحسنِ، ثمَّ إنَّ من يُسمي الحسنَ صحيحاً لا ينكرُ أنَّهُ دونَ الصحيحِ المقدَّمِ المبيَّنِ أولاً، فهذا إذن اختلافٌ في العبارةِ دونَ المعنى، والله أعلم)) (٤).

قالَ الشيخُ في "النكتِ" (٥): ((وإنما قالَ السِّلفيُّ بصحةِ أصولهِا، كذا ذكرهُ في مقدمةِ الخطابيِّ، فقالَ: وكتابُ أبي داودَ فهوَ أحدُ الكتبِ الخمسةِ التي اتفقَ أهلُ

/ ٧٨أ / الحلِّ والعقد منَ الفقهاءِ، وحفاظِ الحديثِ الأعلامِ النبهاءِ على قبولها، والحكمِ بصحةِ أصولها. انتهى.

ولا يلزمُ من كونِ الشيء له أصلٌ صحيحٌ أنْ يكونَ هو صحيحاً، فقد ذكرَ ابنُ الصلاحِ - عندَ ذكرِ التعليقِ -: ((أنَّ مالم يكنْ في لفظهِ جزمٌ مثلَ رُوي، فليسَ في شيء منهُ حكمٌ منهُ بصحةِ ذلكَ عنهُ، قالَ: ومعَ ذلكَ فإيرادهُ له في أثناءِ الصحيحِ مشعرٌ بصحةِ أصله)) (٦). انتهى.


(١) انظر: النفح الشذي ١/ ١٨٩. وقالَ ابن حجر في نكته ١/ ٤٧٩، وبتحقيقي: ٢٦٥
: ((إنما جعله يومىء إليه؛ لأن ذَلِكَ مقتضاه، وذلك أن كتاب الترمذي مشتمل على الأنواع الثلاثة، لكن المقبول فيهِ --وهو الصحيح والحسن- أكثر من المردود، فحكم للجميع بالصحة بمقتضى الغلبة)). وانظر: ١/ ٤٧٩ - ٤٨١، وبتحقيقي: ٢٦٥ - ٢٦٧ منه.
(٢) في (ف): ((نحو)).
(٣) في (ف): ((وخرَّج)).
(٤) معرفة أنواع علم الحديث: ١١١.
(٥) التقييد والإيضاح: ٦٢.
(٦) معرفة أنواع علم الحديث: ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>