للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبو عليٍ إنما صنفا كتابيهما بعدَ الترمذيِّ، وكأنَ كتابَ أبي علي الطوسيِّ مخرجٌ على كتابِ الترمذيِّ، لكنهُ شاركهُ في كثيرٍ من شيوخهِ، واللهُ

أعلمُ)) (١).

وقولُ ابنِ الصلاحِ: ((عرفناهُ بأنَّهُ منَ الحسنِ عندَ أبي داودَ)) (٢)، وموافقةُ الشيخِ له في نظمهِ وشرحهِ (٣) ليسَ بجيدٍ (٤)، فليسَ بمسلّمٍ (٥) أَنَّ كلَّ ما سكتَ عليهِ أبو داودَ يكونُ حسناً، بل هو وهمٌ آتٍ (٦) من جهةِ أنَّ أبا داودَ يريدُ بقولهِ:

((صالحٌ)) الصلاحيةَ للاحتجاجِ، ومنْ فهمَ أنَّ ((أصحَّ)) في قولهِ: ((وبعضها أصحُّ من بعضٍ)) تقتضي اشتراكاً في الصحةِ، وكذا قوله: ((إنَّهُ يذكرُ في كلِّ بابٍ أصحَّ ما عرفهُ فيهِ)) وليسَ الأمرُ في ذلكَ كذلكَ (٧). أما من جهةِ قولهِ: ((صالحٌ))؛ فلأنَّهُ كما يحتملُ أنْ يريدَ صلاحيته للاحتجاجِ، فكذا يحتمل أنْ يريدَ صلاحيتهُ للاعتبارِ؛ فإنَّ أبا داودَ قال في الرسالةِ التي أرسلها إلى مَن سألهُ عنِ اصطلاحهِ في كتابهِ: ((ذكرتُ فيهِ الصحيحَ، وما يشبههُ، ويقاربهُ، وما فيهِ وهنٌ شديدٌ بينته، وما لا فصالحٌ، وبعضها أصحُّ من بعضٍ)) (٨)، واشتملَ هذا الكلامُ على خمسةِ أنواعٍ:


(١) قال الحافظ ابن حجر في نكته ١/ ٤٢٦ وبتحقيقي: ٢٢٠: ((وأما على بن المديني فقد أكثر من وصف الأحاديث بالصحة والحسن في مسنده ... )).
(٢) معرفة أنواع علم الحديث: ١٠٦.
(٣) انظر: التبصرة والتذكرة (٦٨)، وشرح التبصرة والتذكرة ١/ ١٦٣.
(٤) من قوله: ((وأول كلام ابن الصلاح في هذه المسألة ... )) إلى هنا لم يرد في (ك).
(٥) جاء في حاشية (أ): ((أي لأنه ليس بمسلّم)).
(٦) في (ف): ((أتى)).
(٧) عبارة: ((وليس الأمر في ذلك كذلك)) لم ترد في (ك).
(٨) رسالة أبي داود إلى أهل مكة ١/ ٣٥ (مع بذل المجهود).

<<  <  ج: ص:  >  >>