للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالوا: هذا أخصرُ من ذلكَ، والفعلُ اختصرَ.

قولهُ: (العَفْو) (١) هو الفضلُ، ومن الماءِ: ما فَضَلَ عن الشاربَةِ، أي: أقنعَ منهُ بما لا كلفة عليهِ في بذلهِ، ولا يُضيعُ عليهِ وقتهُ في مهمٍ لهُ، ولا يُكدِّرُهُ سُؤالهُ فيهِ، قال ابنُ دقيقِ العيدِ: ((ولا يَستعملُ ما قالَهُ بعضُ الشّعراءِ

أعنتِ الشَّيخَ بالسُّؤالِ تجِدْهُ ... سَلِساً يلتقيكَ بالرَّاحتينِ

وإذا لم تَصِحْ صِيَاحَ الثكالى ... رُحْتَ عنه وأنتَ صِفْرُ اليدينِ (٢))) (٣).

انتهى.

والذي يظهرُ لي من هذا الشعرِ، أنه غيرُ مخالفٍ لما مضى من التّخفيفِ، فإنّ الناسَ متفاوتونَ، فبعضُهم يحبُّ أنْ يُكثرَ الطالبُ من سؤالهِ.

والأمرُ الفاصل في هذا: أنَّك ما دُمتَ ترى الشيخَ على ما وصفهُ هذا الشاعرُ من السَّلاسةِ والانبساطِ فاسألْ، فإذا رأيتَهُ أخذَ في الضَّجرِ فاتركْ واعتذرْ بما يَبْسُطُ الشيخَ مما لعله حصلَ من قبضٍ، وكذا في البحثِ، واللهُ الموفقُ.


= أخرجه: مالك في الموطأ (٦) برواية الليثي، ومن طريقه أخرجه: عبد الرزاق (٢٠٣٨)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ١/ ١٩٣، والبيهقي في "السنن الكبرى" ١/ ٤٤٥ عن نافع مولى ابن عمر: أن عمر بن الخطاب كتب إلى عماله، فذكره، وهذا الطريق ضعيف؛ لانقطاعه؛ لأن نافعاً لم يلق عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.
ولكن صح هذا الأثر من طريق آخر أخرجه: عبد الرزاق (٢٠٣٧) و (٢٠٣٩) من طريقين عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر رضي الله عنهما، به.
(١) شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ٤٣، وهو كلام الخطيب في " الجامع لأخلاق الراوي ": ٩٩.
(٢) الاقتراح: ٢٥٤.
(٣) هذان البيتان للإمام عبد الله بن المبارك، وهما على البحر الخفيف. أسند ذلك إليه الرامهرمزي في " المحدّث الفاصل ": ٣٦١ (٣٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>