للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفاتَ إلى من أنكرَهُ (١).

ويجلسُ حيثُ انتهى بهِ المجلسُ إلا أنْ يُصرِّحُ له الشيخُ، أو الحاضرونَ بالتقدُّمِ والتخطّي، أو يَعلمَ من حَالهم إيثارَ ذلكَ، ويتأدبُ مع رفقتِهِ فإنّ ذلكَ تأدّبٌ معَ الشيخِ، ويقعدُ قعدةَ المتعلمينَ، ولا يرفعُ صوتهُ رفعاً بليغاً من غير حاجةٍ، ويُقبلُ على الشيخِ مُصغياً إليهِ، ولا يَسبقهُ إلى شرحِ مسألةٍ، أو جوابِ سؤالٍ، إلاَّ أنْ يعلمَ من حالِ الشيخِ إيثارَ ذلكَ، ليستدلَّ به على فضيلتهِ، ويغتنمَ سؤالهُ عندَ طيبِ نفسهِ وفراغِهِ / ٢٤٦ أ / ويتلطّفَ في سؤالهِ، ويحسنَ خطابَهُ، ويصبرَ على جفوتهِ، وسُوءِ خُلُقِهِ، ولا يَصده ذلك عن ملازمتِهِ، واعتقادِ كمالهِ، ويتأوَّل لأفعالِهِ التي ظاهرُها الفسادُ تأويلاتٍ صحيحةً، فما يعجزُ عن ذلكَ إلاّ قليلُ التوفيقِ.

وإذا جفاهُ الشيخُ ابتدأ هو بالاعتذارِ، وأظهرَ أنَّ الذنبَ لهُ، والعتبَ عليهِ، فذلكَ أنفعُ له دِيناً ودُنيا، وأنقى لقلبِ شيخهِ.

وقد قالُوا: ((مَن لَمْ يصبرْ على ذُلِّ التّعلمِ، بقي عمرهُ في عمايةِ الجهلِ، ومَن صبرَ عليه، آل أمرهُ إلى عزِّ الآخرةِ والدنيا) ومنه الأثرُ المشهورُ عن ابنِ عبّاسٍ رضي اللهُ عنهما: ((ذُلِلتُ طالباً فعززتُ مَطلوباً)) (٢).

وإذا جاءَ مجلسَ الشيخِ فلم يجدهُ انتظرهُ، ولا يفوِّتُ درسَهُ إلاَّ أنْ يخافَ كراهيةَ الشيخِ لذلكَ، بأنْ يعلمَ من حالهِ الإقراءَ في وقتٍ بعينهِ، فلا يَشقُق عليهِ


= (٥٢٠٨)، والترمذي (٢٧٠٦)، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " (٣٦٩) و (٣٧١)، وأبو يعلى (٦٥٦٦) و (٦٥٦٧)، والطحاوي في " شرح مشكل الآثار "
(١٣٥٠) - (١٣٥٤)، وابن حبان (٤٩٣) - (٤٩٦)، والبغوي (٣٣٢٨) من طريق سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، به.
قال الترمذي: ((هذا حديث حسنٌ)).
(١) انظر: الأذكار للنووي: ٣٥٧ (٦٤٤).
(٢) أخرجه: الدينوري في " المجالسة وجواهر العلم " (١٦٣٥)، وابن عبد البر في " جامع بيان العلم " ١/ ٤٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>