للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محفوظاتِهِ، ويعتمدُ من الشيوخِ في كلِّ فنٍ أكملُهم، وإنْ أمكنهُ شرحَ درسِهِ كلَّ يومٍ فعلَ، وإلا اقتصرَ على الممكنِ من درسينِ ونحوهما.

وإذا اعتمدَ شيخاً في فنٍ، وكان لا يتأذَّى بقراءتِهِ ذلكَ الفنَّ على ثانٍ وثالثٍ وأكثرَ فليفعلْ ما لم يتأذّوا، فإنْ تأذَّى المُعتمدُ اقتصرَ عليهِ، وراعَى قلبَهُ، وهو أقربُ إلى انتفاعهِ.

وإذا بحثَ المختصراتِ، انتقلَ إلى بحثٍ أكبرَ منها، مع المطالعةِ المتقنةِ، والعنايةِ الدائمةِ المحكمةِ، وتعليقِ ما يراهُ من النفائسِ والغرائبِ، وحل المشكلاتِ، بما يراهُ في المطالعةِ أو يسمعهُ من الشيخِ، ولا يحتقرَنَّ فائدةً يراها أو يسمعها في أيِّ فنٍ كانَ، بل يبادرُ إلى كتابتِها، ثم يواظبُ على مطالعةِ ما كَتبهُ، وليُلازمْ حلقةَ الشيخِ ولْيَعْتَنِ بكلِّ الدّروسِ، ويعلقُ عليها ما أمكنَ فإن عَجزَ اعتنى بالأهمِّ، ولا يُؤْثِرُ بنوبتِهِ فإنّ الإيثارَ بالقُرَبِ مكروهٌ، فإن رَأى الشيخُ المصلحةَ في ذلك في وقتٍ فأشار به امتثلَ ... أمرهُ.

وينبغي أنْ يرشدَ رفقتَهُ وغيرهُم من الطلبةِ إلى مواطنِ الاشتغالِ والفائدةِ، ويذكر لهم ما استفادَهُ على جهةِ النصيحةِ والمذاكرةِ، وبإرشادِهِم يباركُ لهُ في علمِهِ (١) ويستنيرُ قلبُهُ وتتأكدُ المسائلُ معهُ مع جزيلِ ثوابِ اللهِ تَعالى.

ومن بخلَ بذلك كانَ بِضِدِّهِ، فلا يثبت معهُ، وإنْ ثبتَ لم يثمر. ولا يحسدُ أحداً، ولا يحتقرهُ، ولا يعجبُ بفهمِهِ.

وكما يُسَلِّمُ إذا أتى يُسلِّمُ إذا انصرفَ، ففي الحديث الأمرُ بذلكَ (٢)، ولا


(١) في (ف): ((علمه))، والمثبت من " المجموع ".
(٢) وفي هذا إشارة لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإذا أراد أن يقوم فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة)).
أخرجه: أحمد ٢/ ٢٣٠ و٢٨٧ و٤٣٩، والبخاري في " الأدب المفرد " (١٠٠٨)، وأبو داود =

<<  <  ج: ص:  >  >>