تقول الّتي من بيتها خفّ مركبي ... عزيز علينا أن نراك تسير
أما دون مصر للغنى متطلّب ... بلى إن أسباب الغنى لكثير
فقلت لها واستعجلتها بوادر ... جرت فجرى في جريهنّ عبير:
ذريني أكثّر حاسديك برحلة ... إلى بلد فيها الخصيب أمير
ومما جاء من التخلصات الحسنة قول أبي الطيب المتنبي في قصيدته الدالية التي أولها:
عواذل ذات الخال فيّ حواسد «٢»
وأورد نفسي والمهنّد في يدي ... موارد لا يصدرن من لا يجالد
ولكن إذا لم يحمل القلب كفه ... على حالة لم يحمل الكفّ ساعد
خليليّ إنّي لا أرى غير شاعر ... فكم منهم الدّعوى ومنّي القصائد
فلا تعجبا إنّ السّيوف كثيرة ... ولكنّ سيف الدّولة اليوم واحد
وهذا هو الكلام الآخذ بعضه برقاب بعض؛ ألا ترى إلى الخروج إلى مدح الممدوح في هذه الأبيات كأنه أفرغ في قالب واحد؛ ثم إن أبا الطيب جمع بين مدح نفسه ومدح سيف الدولة في بيت واحد، وهو من بدائعه المشهورة.