للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطرف عن المحرمات، وغير ذلك، وفي الإعراض عن الجاهلين الصبر والحلم، وغيرهما.

وقال بعض الأعراب في دعائه: اللهم هب لي حقّك، وأرض عني خلقك؛ فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «هذا هو البلاغة» .

ومن ذلك قوله عزل وجلّ: أولئك لهم الأمن

؛ فإنه دخل تحت الأمن جميع المحبوبات، وذلك أنه نفى به أن يخافوا شيئا من الفقر والموت وزوال النعمة ونزول النقمة، وغير ذلك من أصناف المكاره.

وأشباه هذا في القرآن الكريم كثيرة؛ فهو يكثر في بعض الصور، ويقلّ في بعض، قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «من شاء يرتع في الرّياض الأنائق فعليه بآل حم» .

ومن ذلك قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «الخراج بالضّمان» ؛ وذاك أن رجلا اشترى عبدا، فأقام عنده مدة، ثم وجد به عيبا، فخاصم البائع إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فردّه عليه؛ فقال:

يا رسول الله، إنه استغلّ غلامي، فقال: «الخراج بالضمان» ومعنى قوله: «الخراج بالضمان» أن الرجل إذا اشترى عبدا فاستغلّه ثم وجد به عيبا دلّسه عليه البائع فله أن يردّه ويسترجع الثمن جميعه، ولو مات العبد أو أبق أو سرقه سارق كان في مال المشتري، وضمانه عليه، وإذا كان ضمانه عليه فخراجه له: أي له ما تحصّل من أجرة عمله.

وأما ما ورد شعرا، فقول السّموءل بن عاديا الغسّاني من جملة أبياته اللامية المشهورة، وذلك قوله منها «١» :

وإن هو لم يحمل على النّفس ضيمها ... فليس إلى حسن الثّناء سبيل

فإن هذا البيت قد اشتمل على مكارم الأخلاق جميعها: من سماحة، وشجاعة، وعفة، وتواضع، وحلم، وصبر، وغير ذلك؛ فإن هذه الأخلاق كلها من ضيم النفس؛ لأنها تجد بحملها ضيما: أي مشقة وعناء.

<<  <  ج: ص:  >  >>