الحرب، فإن شاءوا ماددناهم مدّة ويدعوا بيني وبين النّاس فإن أظهر عليهم وأحبّوا أن يدخلوا فيما دخل فيه النّاس وإلّا كانوا قد جموا، وإن أبوا فو الّذي نفسي بيده لأقاتلنّهم على أمري هذا حتّى تنفرد سالفتي هذه ولينفذنّ الله أمره» وهذا الحديث من جوامع الكلم، وهو من الفصاحة والبلاغة على غاية لا ينتهي إليها وصف الواصف.
وأما ما ورد من ذلك شعرا فقول النابغة «١» :
وإنّك كالّليل الّذي هو مدركي ... وإن خلت أنّ المنتأى عنك واسع
وتخصيصه الليل دون النهار مما يسأل عنه.
وكذلك قوله «٢» :
ولست بمستبق أخا لا تلمّه ... على شعث أيّ الرّجال المهذّب
وعلى هذا الأسلوب ورد قول الأعشى في اعتذاره إلى أوس بن لام عن هجائه إياه «٣» :
وإنّي على ما كان منّي لنادم ... وإنّي إلى أوس بن لام لتائب
وإنّي إلى أوس ليقبل عذرتي ... ويصفح عنّي ما حييت لراغب
فهب لي حياتي فالحياة لقائم ... بشكرك فيها خير ما أنت واهب
سأمحو بمدح فيك إذ أنا صادق ... كتاب هجاء سار إذ أنا كاذب
وهذا من المعاني الشريفة في الألفاظ الخفيفة، وهو من طنانات الأعشى المشهورة.