وعن عائشة رضي الله تعالى عنها أيضا قالت: لمّا قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.. اختلفوا في دفنه، فقال أبو بكر:
سمعت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شيئا ما نسيته؛ قال:«ما قبض الله نبيّا إلّا في الموضع الّذي يحبّ أن يدفن فيه، ادفنوه في موضع فراشه» .
(عن عائشة رضي الله تعالى عنها أيضا قالت: لمّا قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في دفنه؟) ؛ أي في أصل دفنه، هل يدفن أو لا؟ وفي محلّ دفنه: هل يدفن في مسجده؟ أو البقيع عند أصحابه؟ أو في الشّام؛ عند أبيه إبراهيم الخليل؟ أو في بلده مكّة المكرمة؟
فالاختلاف من وجهين: أصل الدّفن، ومحلّ الدّفن؟ كذا في «الباجوري» .
قال بعضهم: هذا أوّل اختلاف وقع بين الصّحابة بعد موته، حتى أخبرهم أبو بكر وعليّ بما عندهما من العلم- كما سيأتي-؛ ذكره المناوي.
(فقال أبو بكر) جوابا عن كلّ من السّؤالين:
(سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ما نسيته) ؛ إشارة إلى كمال استحضاره وحفظه. (قال: «ما قبض الله نبيّا؛ إلّا في الموضع الّذي يحبّ) الله؛ أو النّبيّ (أن يدفن) - بصيغة المجهول- (فيه» ) .
ولا ينافيه نقل موسى ليوسف عليهما الصّلاة والسّلام من مصر إلى آبائه بفلسطين!؟ لاحتمال أن محبّة دفنه بمصر مؤقّتة بفقد من ينقله، على أن الظّاهر أن موسى إنّما فعله بوحي.
وورد أن عيسى يدفن بجنبه صلى الله عليه وسلم؛ في السّهوة الخالية بينه صلى الله عليه وسلم وبين الشّيخين.
وأخذ منه بعضهم أنّ عيسى يقبض هناك في ذلك المحلّ المكرّم.
(ادفنوه) - بكسر الفاء- (في موضع فراشه) ؛ أي: في المحلّ الّذي هو تحت فراشه، الّذي مات فيه من حجرة عائشة رضي الله تعالى عنها.