قال الإمام علي رضي الله عنه: الدّنيا والآخرة كالمشرق والمغرب؛ إذا قربت من إحداهما بعدت عن الآخرى، فالجمع بين الدّنيا والدّين على الكمال لا يكاد يقع، إلّا لمن سخّره الله لتدبير خلقه في معاشهم ومعادهم؛ وهم الأنبياء.
أمّا غيرهم! فإذا شغلت قلوبهم بالدّنيا انصرفت عن الآخرة، وذلك أنّ حبّ الدّنيا سبب لشغله بها والانهماك فيها؛ وهو سبب للشّغل عن الآخرة، فتخلو عن الطّاعة، فيفوت الفوز بدرجاتها؛ وهو عين المضرّة.
بنى ملك من الملوك مدينة وتأنّق فيها، ثمّ صنع طعاما ونصب ببابها من يسأل عنها. فلم يعبها إلّا ثلاثة، فسألهم فقالوا: رأينا عيبين. قال: وما هما؟ قالوا:
تخرب ويموت صاحبها. قال: فهل ثمّ دار تسلم منها؟! قالوا: نعم، الآخرة، فتخلّى عن الملك وتعبّد معهم، ثمّ ودّعهم، فقالوا: هل رأيت منا ما تكره!!.
قال: لا، لكن عرفتموني فأكرمتموني، فأصحب من لا يعرفوني. انتهى «مناوي» .
(فاثروا) أي: إذا علمتم ذلك فقدّموا (ما يبقى على ما يفنى» ) فقد ذمّ الله من يحبّ الدّنيا، ويؤثرها على الآخرة، بقوله كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ (٢٠) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (٢١)[القيامة] وذمّ حبّها يستلزم مدح بغضها. انتهى «مناوي» .
والحديث ذكره في «الجامع» مرموزا برمز الإمام أحمد، والحاكم؛ عن