وكان صلّى الله عليه وسلّم إذا أتي بالسّبي.. أعطى أهل البيت جميعا؛ كراهية أن يفرّق بينهم.
وكان صلّى الله عليه وسلّم إذا أتاه رجل فرأى في وجهه بشرا..
أخذ بيده.
ويؤخذ من التعليل ما عليه الشافعية من أنّ كلّ واحد يعطى قدر كفايته وكفاية من يمون، من ولد وزوجة وعبد. وخصّوا ذلك بمن أرصد للقتال.
وفيه مبادرة الإمام إلى القسمة ليصل كلّ واحد إلى حقّه، ولا يجوز التأخير إلّا لعذر. قاله العزيزي على «الجامع» .
(و) أخرج الإمام أحمد، وابن ماجه بسند صحيح؛ عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال:(كان) رسول الله (صلى الله عليه وسلّم إذا أتي) - بالبناء للمفعول- (بالسّبي) :
النهب عبيد، وإماء (أعطى أهل البيت) المسبيّين الآباء والأمهات والأولاد، والمراد أعطى الأقارب الذين سبوا (جميعا) لمن شاء؛ (كراهية أن يفرّق بينهم) يعني: أنه إذا كان في السبي امرأة وابنها، أو رجل وابنه، أو أخت وأختها، أو أخ وأخوه؛ لا يعطي المرأة لشخص وابنها لآخر، ولا الأب لشخص وابنه لآخر، ولا الأخ لشخص وأخاه لآخر، بل يعطي الاثنين لشخص واحد؛ كراهة التفريق بينهما، لما جبل عليه من الرأفة والرحمة.
فاستفدنا من فعله أنّه يسنّ للإمام؛ ولكلّ من ولي أمر السبي أن يجمع عليهم ولا يفرقهم؛ لأنه أدعى إلى إسلامهم، وأقرب إلى الرحمة والإحسان بهم.
(و) أخرج ابن سعد في «الطبقات» ؛ عن عكرمة مولى ابن عبّاس مرسلا قال:
(كان) رسول الله (صلى الله عليه وسلّم إذا أتاه رجل) أي: متى قدم عليه رجل من أيّ محلّ (فرأى في وجهه بشرا) - بكسر الباء وسكون الشين المعجمة- أي: طلاقة وجه وأمارة سرور (أخذ بيده) إيناسا له وتودّدا ليعرف ما عنده من الأخبار الحسنة؛ مما يسرّه من نصرة الدين، وقيام شعار الإسلام، وتأييد المؤمنين. قال ابن العربي: الأخذ باليد نوع من التودّد والمعروف؛ كالمصافحة. انتهى «مناوي» .