قال: بايعت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ببيع قبل أن يبعث، وبقيت له بقيّة، فوعدته أن آتيه بها في مكانه، فنسيت، ثمّ ذكرت بعد ثلاث، فجئت، فإذا هو في مكانه. فقال:«يا فتى؛ لقد شققت عليّ، أنا هنا منذ ثلاث أنتظرك» .
وعن عائشة أمّ المؤمنين رضي الله تعالى عنها، ...
ممدودة- العامريّ الصحابي، وقد روى حديثه هذا أبو داود، وهو من أفراده، وأخرجه أيضا ابن منده في «المعرفة» ، والخرائطي في «مكارم الأخلاق» .
(قال) ؛ أي: عبد الله (: بايعت النّبيّ صلى الله عليه وسلّم ببيع) ؛ أي: بعقد بيع (قبل أن يبعث) بالرسالة، (وبقيت له بقيّة) ، إمّا من الثمن؛ أو المثمّن، فإن البيع من الأضداد، (فوعدته أن آتيه بها) ؛ أي: البقية (في مكانه) الذي وقع فيه البيع، (فنسيت) الوعد الذي جرى بيننا، (ثمّ ذكرت بعد ثلاث) ؛ أي: ثلاث ليال، أو ثلاثة أيام. ولم يلحق التاء به!! لحذف المعدود. وإنما تلزم قاعدة العدد إذا ذكر المعدود، (فجئت، فإذا هو في مكانه) - أي مستقرّ صلى الله عليه وسلّم في مكانه لم يفارقه- (فقال: «يا فتى؛ لقد شققت عليّ!!) - بتشديد الياء- (أنا هنا منذ ثلاث أنتظرك!!» ) وهذا دليل على وفائه صلى الله عليه وسلّم بعهده ووعده، وهو من جملة أخلاق جدّه النبي إسماعيل حيث قال تعالى في حقّه وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ [٥٤/ مريم] قال مجاهد: لم يعد شيئا إلّا وفّى به.
(و) أخرج البيهقيّ بإسناد حسن؛ كما في العزيزي، لكن قال المناوي:
قضية صنيع المصنف- يعني: السيوطي- أنّ البيهقي خرّجه وسكت عليه، وهو باطل! فإنه خرّجه من حديث إسحاق بن إبراهيم الدبري، عن عبد الرزاق؛ عن معمر؛ عن أيوب؛ عن ابن أبي مليكة؛
(عن عائشة) ، وعن محمد بن أبي بكر؛ عن أيوب؛ عن إبراهيم بن ميسرة؛ عن عائشة (أمّ المؤمنين رضي الله تعالى عنها) .