فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ (١٠) لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً (١١)
قال بعض المفسرين: هَلْ بمعنى قد، وقال الحذاق: هي على بابها توقيف، فائدته تحريك نفس السامع إلى تلقي الخبر، وقيل المعنى هل كان هذا من علمك لولا ما علمناك، ففي هذا التأويل تعديد النعمة. والْغاشِيَةِ: القيامة لأنها تغشى العالم كله بهولها وتغييرها لبنيته، قاله سفيان وجمهور من المتأولين، وقال ابن جبير ومحمد بن كعب: الْغاشِيَةِ، النار، وقد قال تعالى: وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ [إبراهيم: ٥٠] ، وقال: وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ [الأعراف: ٤١] فهي تغشى سكانها والقول الأول يؤيده قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ، والوجوه الخاشعة، وجوه الكفار وخشوعها ذلها وتغيرها بالعذاب، واختلف الناس في قوله تعالى: عامِلَةٌ ناصِبَةٌ فيها والنصب، التعب، لأنها تكبرت عن العمل لله في الدنيا فأعملها في الآخرة في ناره. وقال عكرمة والسدي: المعنى: عامِلَةٌ في الدنيا ناصِبَةٌ يوم القيامة، فالعمل على هذا هو مساعي الدنيا. وقال ابن عباس وزيد بن أسلم وابن جبير: المعنى: هي عامِلَةٌ في الدنيا ناصِبَةٌ فيها لأنها على غير هدى، فلا ثمرة لعملها إلا النصب وخاتمته النار. قالوا: والآية في القسيسين وعبدة الأوثان وكل مجتهد في كفر، وقد ذهب هذا المذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه في تأويل الآية، وبكى رحمة لراهب نصراني رآه مجتهدا، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر القدرية فبكى، وقال إن فيهم المجتهد. وقرأ ابن كثير في رواية شبل وابن محيصن:«عاملة ناصبة» بالنصب على الذم، والناصب فعل مضمر تقديره أذم أو أعني ونحو هذا، وقرأ الستة وحفص عن عاصم والأعرج وطلحة وأبو جعفر والحسن:«تصلى» بفتح التاء وسكون الصاد على بناء الفعل للفاعل، أي الوجوه، وقرأ أبو بكر عن عاصم وأبو عمرو بخلاف عنه وأبو رجاء وأبو عبد الرحمن وابن محيصن، واختلف عن نافع وعن الأعرج «تصلى» بضم التاء وسكون الصاد، وذلك يحتمل أن يكون من صليته النار على معنى أصليته،