إِنْ تَسْتَفْتِحُوا الآية: خطاب لكفار قريش، وذلك أنهم كانوا قد دعوا الله أن ينصر أحب الطائفتين إليه، وروي أن الذي دعا بذلك أبو جهل فنصر الله المؤمنين، وفتح لهم، ومعنى: إن تستفتحوا: تطلبوا الفتح، ويحتمل أن يكون الفتح الذي طلبوه بمعنى النصر أو بمعنى الحكم، وقيل: إن الخطاب للمؤمنين فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ إن كان الخطاب للكافر فالفتح هنا بمعنى الحكم: أي قد جاءكم الحكم الذي حكم الله عليكم بالهزيمة والقتل والأسر، وإن كان الخطاب للمؤمنين، فالفتح هنا يحتمل أن يكون بمعنى الحكم، لأن الله حكم لهم، أو بمعنى النصر وَإِنْ تَنْتَهُوا أي ترجعوا عن الكفر وهذا يدل على أن الخطاب للكفار وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ أي إن تعودوا إلى الاستفتاح أو القتال نعد لقتالكم والنصر عليكم وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ الضمير لرسول الله صلى الله عليه واله وسلّم أو للأمر بالطاعة وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ أي تسمعون القرآن والمواعظ كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ هم الكفار سمعوا بآذانهم دون قلوبهم فسماعهم كلا سماع إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ أي كل من يدب، والمقصود أن الكفار شر الخلق، قال ابن قتيبة: نزلت هذه الآية في بني عبد الدار، فإنهم جدوا في القتال مع المشركين لِما يُحْيِيكُمْ أي للطاعة، وقيل: للجهاد لأنه يحيا بالنصر يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ قيل:
يميته، وقيل: يصرّف قلبه كيف يشاء فينقلب من الإيمان إلى الكفر، ومن الكفر إلى الإيمان وشبه ذلك فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً أي لا تصيب الظالمين وحدهم، بل تصيب معهم من لم يغير المنكر ولم ينه عن الظلم. وإن كان لم يظلم.
وحكى الطبري أنها نزلت في علي بن أبي طالب، وعمار بن ياسر، وطلحة والزبير، وأن الفتنة ما جرى لهم يوم الجمل، ودخلت النون في تصيبن لأنه بمعنى النهي إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ
الآية: أي حين كانوا بمكة وآواكم بالمدينة، وأيدكم بنصره في بدر وغيرها لا تَخُونُوا اللَّهَ نزلت في قصة أبي لبابة حين أشار إلى بني قريظة أن ليس عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلا الذبح، وقيل: المعنى: لا تخونوا بغلول الغنائم ولفظها عام وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ عطف