فله الحمد والامتنان والفضل والطَّوْل والشكران، وأنا راجٍ من فضل الله تعالى دعوةَ أخ صالح أنتفع بها تقرِّبني إلى الله الكريم، وانتفاع مسلم راغب في الخير ببعض ما فيه أكون مساعداً له على العمل بمرضاة ربِّنا، وأستودعُ الله الكريمَ اللطيفَ الرحيمَ مني ومن والديَّ وجميع أحبابنا وإخواننا ومن أحسن
ــ
من مواده ودفع الموانع عن تنقيحه وتحريره. قوله:(فله الحمد على هذه المنن) والحمد سبب المزيد كما نطق به الكتاب المجيد. قوله:(والطول) بفتح الطاء المهملة المنة الثقيلة وقيل النعمة المتكررة (والشكران) بضم الشين ضد الكفران. قوله:(وأنا راج من فضل الله تعالى تيسير دعوة أخ صالح تقربني إلى الله) أي ليكون ذلك مما يصلني نفعه بعد الموت فقد ورد إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ولد صالح يدعو له الحديث ومثل الولد الصالح في نفع دعائه الأخ الصالح، وجملة تقربني إما صفة أو حال من دعوة وتقريبها إلى الله سبحانه لأن دعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب مستجاب فقد يدعو له بنحو ذلك فيبلغ أمانيه من تلك المسالك بفضل مولاه وإحسانه. قوله:(وانتفاع) بالنصب عطف على دعوة ورجاؤه لذلك لما قال (أكون مساعداً له على العمل بمرضاة ربنا) أي فيفوز بامتثال قوله تعالى: {وتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} وليعظم ثوابه بسبب ذلك النفع لكونه الدال عليه الطريق في الوصول إليه وقد تقدم الحديث من دل على هدى كان له مثل أجور فاعليه من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً. قوله:(واستودع الله الخ) أي وهو الذي لا يضيع ودائعه وسبقت حكمة التعبير بهذا في أول الكتاب بما حاصله الإيماء إلى أن الحي بمثابة المسافر المطلوب منه هذا الذكر فإن منتهى سفره الآخرة ومنازله الليل والنهار وحينئذٍ فالموفق لا يأخذ من الزاد إلا ما ينفعه في دار إقامته من رضي مولاه أو ما ينفعه في رحلته من قوام مطيته وهي نفسه فيعطيها حقها من الطعام والشراب والمنام ويمنعها