استغفاري مع إصراري لُؤْم، وإن تركي الاستغفار مع علمي بسَعَة عفوك لعجز، فكم تتحبَّب إليَّ بالنِّعم مع غناك عني، وأتبغَّض إليك بالمعاصي مع فقري إليك، يا من إذا وعد وفى، وإذا توعَّد تجاوز وعفا، أدخل عظيم جُرمي في عظيم عفوك
ــ
يحصل أجر الاستغفار بمجرد اللفظ والقصد له كالتسبيح وتلاوة القرآن وكل ما كانت العبادة فيه غير متلبسة بالعادة كالأيمان والخوف وأمثال ذلك لأنها مميزة لله بصورتها اهـ. وفي باب التوبة من الإحياء للغزالي لا يظن أن رابعة تذم حركة اللسان بالاستغفار من حيث إنه ذكر الله تعالى بل تذم غفلة القلب فهو محتاج إلى الاستغفار عن غفلة القلب لا من حركة لسانه فإن سكت عن الاستغفار باللسان أيضاً احتاج إلى الاستغفارين قال وهذا معنى قول القائل إن
صادق حسنات الأبرار سيئات المقربين اهـ. والحاصل أنه لا يترك العمل لما قد يقارنه مما ينقصه من نحو غفلة أو يؤثر فيه من نحو رياء بل يأتي به كذلك ويستغفر الله منه فإن التوبة كفارته ولا يدع العمل رأساً قال الإِمام في المطالب من مكايد الشيطان ترك العمل خوفاً من أن يقول إنه مراء أو نحو ذلك وهذا باطل فإن تطهر العمل من نزغات الشيطان بالكلية متعذر فلو وقفنا العمل على ذلك لتعذر الاشتغال بشيء من العبادات وذلك يوجب البطالة وهي أقصى غرض الشيطان وسبق لهذا المعنى مزيد في الفصول المذكورة أول الكتاب. قوله:(لؤم) بضم اللام وسكون الهمزة أي خروج عن قضية الفتوة إذ هي الأخذ بمكارم الأخلاق ومن أكرمها التنصل من الذنوب والإقبال على علام الغيوب. قوله:(إن تركي الاستغفار) أي مع الإصرار (مع علمي بسبعة عفوك) أي لسائر الذنوب ومنها الإصرار العجز) أي فتور عن المسارعة إلى الشيء النفيس قوله: (عظيم جرمي) من إضافة الصفة إلى الموصوف وكذا قوله (في عظيم عفوك) أي ادخل جرمي العظيم في ذاته في جنب عفوك العظيم فإن الذنب وإن عظم بالنسبة إلى بحار العفو كالقشاشة بل أدون وما أحسن قول الأبوصيري: